على مدى 12 يوماً بدءاً من اليوم، ينطلق «مهرجان سينما فلسطين» Festival Ciné-Palestine في باريس بنسخته الثانية من تنظيم «جمعيّة مهرجان الفيلم الفلسطيني»، ليتخلله عرض 31 شريطاً، إلى جانب جلسات نقاشٍ عدة.

تضمّ الجمعيّة التي انطلقت من «جامعة باريس 8» مجموعة من الناشطين من فلسطين والدول العربيّة وأوروبا، جمعهم اهتمامهم بالسينما الفلسطينيّة بشكلٍ أساسيّ، الى جانب خبراتهم التقنيّة والفنيّة في إدارة وتطوير هذه المبادرة.


يهدف المهرجان الى تقديم المخرجين الفلسطينيين المعاصرين ونشر الأفلام الفلسطينيّة غير المسوّقة وغير المعروضة للجمهور في العاصمة الفرنسيّة. يفتتح المهرجان في «معهد العالم العربي» في باريس بعرض فيلم «3000 ليلة» (2015) للمخرجة الفلسطينيّة مي المصري. ثم تتوزّع العروض والأنشطة في قلب العاصمة بين «معهد العالم العربي»، وفي سينما «لومينور» (Luminor Hôtel de Ville)، وفي ضواحيها في «جامعة باريس 8 سان - دوني» وفي سينما «لو استيديو» (Le Studio) في أوبرفيليه.

عرض أربعة أعمال للمخرج ميشيل خليفي

يقدّم المهرجان 15 فيلماً طويلاً (8 أفلام روائيّة و7 وثائقيّة) و14 قصيراً أو متوسطّاً (10 أفلام روائيّة و4 وثائقيّة) كما يعرض فيلمي تحريك. ومن المحطات التي يعوّل عليها منظّمو المهرجان لاستقطاب الجمهور والإعلام ــــ الى جانب العرض الافتتاحيّ مع فيلم «3000 ليلة» ـــ العرض الحصري في فرنسا لفيلم «يا طير الطاير» (The Idol – 2015) للمخرج الفلسطينيّ هاني أبو أسعد في «معهد العالم العربي».

لعلّ ما يميّز المهرجان هذا العام الى جانب كثرة العروض وانتشار أماكن العرض داخل العاصمة وفي الضواحي، هو ادخال فئة جديدة الى برنامجه هي فئة «الأرشيف والذاكرة». يقدّم المهرجان هذا العام، بالتعاون مع قسم السينما في «جامعة باريس 8»، أربعة أعمال للمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي (1950) وجلسات نقاش حولها هي: الروائيان الطويلان «عرس الجليل» (1987) و«نشيد الحجر» (1990) والوثائقي الطويل أوّل أعماله «الذاكرة الخصبة» (1980) وفيلمه الوثائقي المتوسّط «معلول تحتفل بدمارها» (1985). كما يختتم المهرجان بالفيلم الروائي الطويل للمخرج الفلسطيني ايليا سليمان (1960) «الزمن الباقي» (2010) تليه جلسة نقاشٍ حوله. كذلك، يقدّم المهرجان جلسة نقاشٍ مهمّة وملفتة تتناول أرشيف السينما الفلسطينيّة ومصاعب إحصاء الأفلام والحفاظ عليها وعلاقة السينما بذاكرة الفلسطينيين التاريخية والسياسيّة والثقافيّة. تشارك في الجلسة خديجة حباشنة أبو علي مديرة الوحدة السينماتوغرافيّة في «مؤسسة الفيلم الفلسطيني» في بيروت ومنسّقة مشروع الترميم والحفاظ على الأفلام الفلسطينيّة القديمة.

ليست باريس أولى المدن التي أسّست مهرجاناً للأفلام الفلسطينيّة، فقد سبقتها إلى ذلك الكثير من المدن حول العالم من بوسطن وشيكاغو وواشنطن وهيوستن وتورونتو في أميركا الشماليّة الى سيدني وكانبيرا وملبورن في أستراليا، وبريستول ومدريد وبروكسل وتولوز في أوروبا. ولكنّ باريس وهذه المدن كلّها، التي تحتضن أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين منذ النكبة عام 1948، قد سبقتنا. نحن في بيروت، المطلّون على الأراضي المحتلّة والموحّدون معها في تاريخنا وفي مقاومة الاحتلال وقتاله لتحرير أرضنا، لا ننظّم مهرجاناً للأفلام الفلسطينيّة ولا يصل الى صالاتنا الّا قلّة من هذه الأفلام فقط. نحن، المقيمون في لبنان، لا نشاهد أغلب الأفلام اللبنانيّة والفلسطينيّة والأفلام الأخرى التي يخرجها فنانونا لأنها في معظمها تُعرض، وأحياناً تُنتج أيضاً، خارج لبنان. وهذا ليس تفصيلاً. إنّ غياب هذه العروض عن أعيننا ووجوب مرور المهتمين بها منا عبر مدن العالم ومهرجاناته لمشاهدتها هو أمرٌ يزيد من عزلة فلسطين من ناحية، ويسهم في إبعادنا بشكلٍ عامٍ عن منتوجنا الثقافيّ. وكيف يمكن أن يعمل شعبٌ ما على بلورة هويّته حين يُعزل عن منتوجه وإرثه الثقافيّ؟


«مهرجان سينما فلسطين»: بدءاً من اليوم حتى 5 حزيران (يونيو) ـــ http://festivalpalestine.paris