كان تجريدها توحيداً، فلم يرتفع أنصاباً ولا مجسّمات حذّرت منها الشرائع وتجنّبها كثيرون. بل أخذ منذ البداية بجوهر تجريد الفن الإسلامي من حيث التوحيد بين الجزء والكلّ، الظاهر والباطن، الغائر والنافر، ومن حيث التحاور بين الثنائيات المطلقة: الامتلاء والفراغ، الاتصال والانفصال، الثابت والمتحرك، وبحيث يقود تأمل أعمالها إلى انتظام العقل وطمأنينة الروح.
وكان توحيدها تجريداً، فلم تختصر أعمالها مظاهر الوجود كما فعل تجريد فن الغرب بمعظمه، بل جسّد ما لا يرى من هذا الوجود من أنظمة وقوانين، فجاءت مضامينها توحّد الانسان في أحواله، ومقاماته، والوجود في شرقه وغربه، شماله وجنوبه.
لقد جرّدت فوحّدت، ووحّدت فجرّدت في عالم يزداد تفككاً وانقساماً.
* تشكيلي لبناني