تونس | مرة أخرى، يثير حضور الفرنسي من أصل تونسي ميشال بوجناح الجدل في الشارع الثقافي التونسي بعد دعوته للمشاركة (19 يوليو) في «مهرجان قرطاج الدولي الـ 53». بمجرد أن أعلن مدير المهرجان مختار الرصاع عن البرمجة، انطلقت حملة على الفايسبوك قادها عدد من الناشطين المعروفين بمقاومتهم للتطبيع، وخاصة «الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني» التي يقودها الوجه النقابي أحمد الكحلاوي.«حملة مناهضة التطبيع» و«حزب حركة النضال الوطني» الرافضان لحضور بوجناح، بررا رفضهما بانتصاره لإسرائيل في العديد من المناسبات والحوارات الصحافية واعتبارها وطناً ليهود الشتات كما سمّاهم. واعتبر الرافضون أن دفاع بوجناح عن تونس لا يغفر له مواقفه الصهيونية، من بينها اعتباره قاتل الأطفال شارون حمامة سلام!

الدستور الجديد (2014)
صمت على تجريم التطبيع
مع الكيان الصهيوني

لكن هذه الحملة التي انطلقت برسالة مفتوحة وجّهتها «حملة مناهضة التطبيع» إلى وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين، ومدير «مهرجان قرطاج» مختار الرصاع أثارت ردود فعل متباينة في الوسط الثقافي. بينما اعتبر منير فلاح (كاتب عام سابق لمهرجان قرطاج) استضافة بوجناح منطقية، متهماً المؤرخ عبدالحميد الأرقش المستشار في ديوان وزير الشؤون الثقافية بمسؤوليته عن هذه الاستضافة، ومذكراً بزياراته إلى إسرائيل وضلوعه في التطبيع الأكاديمي (تهمة نفاها الأرقش المتخصص في تاريخ الأقليات في تونس)، هاجم عدد آخر الداعين لإلغاء الحفلة مثل رضا الملولي مدير جريدة «التنوير»، ورجاء بن سلامة المديرة العامة لدار الكتب الوطنية وحسونة المصباحي وآمال قرامي وألفة يوسف وحمادي الرديسي... اعتبر هؤلاء أن رفض تنظيم حفلة لبوجناح «لون من ألوان الشعبوية والمزايدة بل اعتداء على روح تونس وثقافتها المتعددة» باعتبار بوجناح من اليهود التونسيين الذين لم يبخلوا على بلادهم بتسويقها في فرنسا كوجهة سياحية في أكثر من مناسبة.
هذا الجدل قد يدفع إدارة المهرجان إلى إلغاء الحفلة أو بوجناح نفسه إلى الاعتذار عن عدم الحضور، بخاصة أنّه سيغني يوم ٢٥ تموز (يوليو) في تل أبيب! ولن ينتهي الجدل الذي تثيره هذه المشاركات طالما أن الدستور التونسي الجديد (2014) صمت على تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني. إذ رفضت «حركة النهضة» التي كانت تتحكّم بمداولات المجلس الوطني التأسيسي، إدراج فصل ينصّ على تجريم التطبيع طالبت به القوى اليسارية والقومية. وقتها، تحجج رئيس كتلتها الصحبي عتيق بأنّ الحركة عملت بنصيحة «حماس» بعدم تجريم التطبيع!
وفي الوقت الذي أعلن فيه مدير «مهرجان قرطاج» مختار الرصاع تمسكه بتنظيم الحفلة وتحمل مسؤوليته في ذلك، أصدرت وزارة الثقافة بياناً أهم ما جاء فيه أنّها في صدد التشاور مع جمعيات المجتمع المدني لتحديد موقف! كما رفعت الموضوع لرئاسة الحكومة. وتمثّل قضية بوجناح موضوعاً مثيراً للجدل لم يسبق أن عرفه الشارع التونسي بهذه الحدة في الانقسام. فهل تقام الأمسية يوم 19 تموز رغم حملة المقاطعة والإلغاء؟