لدينا أحلام لا تعد ولا تحصى، ولن يتحقق منها شيء طالما تنقصنا «المعرفة والذاكرة».
معرفة من هو عدونا... من دخلت دباباته على بيروت وصيدا وأذلّت النفوس وفتكت بما فتكت بقذائفها وقنابلها العنقودية والفوسفورية، هدمت الأبنية وشردت الناس وعندما لم تستطع هدماً وفتكاً وقتلاً، انتقمت من السيارات ودهستها... هل خانت ذاكرة اللبنانيين اجتياح مدينتهم والذل الذي رزحوا تحته؟
ومن لم يكن قد ولد قبل ١٩٨٢ هل نسي حرب تموز ومجازر الجنوب والضاحية؟ والصواريخ التي دمرت كل البنى التحتية للبنان من شماله الى جنوبه؟ هل وفرت صواريخه المناطق التي لديه حلفاء فيها؟ وهل حوسب الحلفاء؟ وهل قامت العدالة بواجبها واقتصت من كل من سولت له نفسه التعاون مع عدوه ضد وطنه؟

الجميع يعرف من هم وما زالوا يمرحون ويسرحون في البلد ولا يشعرون بالعار والخزي كونهم تعاونوا مع عدو لا يرحم! هذه تعتبر خيانة الوطن. هل من يأبه للوطن؟
زياد دويري ومن شابهه من فنانين وكتاب ليسوا إلا نتيجة تقاعس الدولة عن دورها في محاسبة من يتعامل مع العدو. لم يعتذر أمين معلوف قبلاً ولَم يعتذر زياد وما أكثرهم قابعين في الحكم يحتمون وراء قوانين هم سنوها لأنفسهم!
زياد دويري الذي شاهدت فيلمه «بيروت الغربية» مراراً في الغربة، وأعجبت فيه، ألم يفكر أنّ الفنان منوطة به أهم رسالة، رسالة التوعية للنشء الجديد؟ يكفينا أنّ نعرف أنّ كل الفنون في الغرب، تهيمن عليها الصهيونية العالمية. هل يريد زياد دويري «الموهوب» شهرة جديدة ملطخة بالعار أم أنّه عرف أنّ عالميته لا يمكن بناؤها إلا إذا دخل العنصر الصهيوني فيها؟!
أنا التي اقتحمت قذائف إسرائيل منزلي ومحترفي وعانيت من اجتياح دباباتها مدينتي بيروت، دأبتُ على تدجين قذائفها وتحويلها الى رموز للحياة -الكرامة، بغية النيل من عدوي بقذيفته نفسها الذي حاول النيل مني فيها. منذ ١٩٨٢، لم يلتئم جرحي وكرّست فني للقضايا المصيرية لأني شاهدة على عصر النكبات كلها، وكرهي لمن يؤذي هذا البلد والأعداء في الداخل أصبحوا أكثر من الخارج! إذا كانت الأيدي كلها ملطخة بالعار ومعظم الحاكمين مجبولين بالخطيئة، فلا عجب أن يخرج زياد دويري بريئاً من المحكمة لأنه تنطبق عليه المقولة: «من كان منكم بلا خطيئة فليرمني بحجر».
زياد ليس الأول وليس الأخير. يبقى لنا فقط أن نكمل أحلامنا بجمهورية تحفظ لنا كرامتنا، وليس جمهورية الأوهام والفجور.