قُبَيل الثالثة فجراً (6 كانون الأول/ديسمبر) توفي أحد أعتق نجوم الغناء في فرنسا، جوني هاليداي (1943 ـــ 2017)، بعد صراع مع سرطان الرئة الذي تم تشخيصه مطلع هذا العام تقريباً. هكذا، انسحب أول «الأوغاد القدامى»، تاركاً زميلَيه، إيدي ميتشل وجاك دوترون، في الثلاثي العتيق الذي أسس تيار الروك الفرنسي مطلع الستينيات من القرن الماضي.
إنه «إلفيس الفرنسي» (نسبةً إلى إلفيس بريسلي)، هكذا كان يُلقَّب. هو نجم المسرح والاستعراض الغنائي، والأداء التعبيري، الصاخب حيناً والرومانسي أحياناً. وقبل الألقاب والاسم الفنّي، إنه جان- فيليب سميت المولود عام 1943 في فرنسا لأمٍّ فرنسية وأبٍ بلجيكي.

أكبر سقطاته وأبشعها دعمه إسرائيل بعد
حرب الـ67

بدأ الشاب الوسيم مسيرته نتيجة إعجاب مفاجئ وشديد بإلفيس، فتناول غيتاره واعتلى المسارح مراهقاً بثيابٍ وإكسسواراتٍ مستعارة من بلاد العم سام، وغيّر اسمه ليتلاءم أكثر مع نمطه الغنائي (علماً أنه نادراً ما غنّى بلغة شيكسبير).
امتلك هاليداي لعبة المسرح والحركة والطاقة في الأداء والتراقص تحت الأضواء، أمام جماهير ظلت وفية له حتى آخر حفلاته قبل أشهر. أجيال مرّت على جوني، منذ عام 1960. كثيرون عشقوه، لكن العالم بأسره سمع شيئاً من أغانيه، في فرنسا وخارجها (بالأخص البلدان الفرنكوفونية)، لهذا نعاه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بهذه الكلمات: «جميعنا فينا شيءٌ من جوني»، في استعارة لإحدى أشهر أغانيه التي تحمل توقيع ميشال برجيه، «جميعنا فينا شيءٌ من تينيسّي».
عاش جوني هاليداي حياة شديدة الصخب، بين العمل على الألبومات التي بلغت الخمسين وباعت أكثر من مئة مليون نسخة، والجولات التي كانت تلي هذه الألبومات (كان للبنان حصة فيها أكثر من مرة)، والتمثيل الذي امتهنه قبل الغناء حتى، ثم جعل منه نجماً في سينما الكبار (أمثال غودار، لولوش، كوستا-غافراس وغيرهم) وعلى خشبة المسرح (تجربة عابرة).

نعاه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بهذه الكلمات: «جميعنا فينا شيءٌ من جوني»
ومن التيارات الغنائية الأميركية «البيضاء» كالروك أند رول والروك الصاخب والتطوّري والكانتري، كان هاليداي ينتقل أحياناً إلى بضع البلوز، وكان كذلك، وخصوصاً، من صنّاع الرومانسية على الطريقة الفرنسية، وإلى هذه الفئة تنتمي أكثر أغانيه شيوعاً. أضف إلى صخب المسيرة الفنية، صخب الحياة والمغامرات العاطفية والزوجية، إذ تزوّج هاليداي خمس مرات، أولى زوجاته كانت المغنية الفرنسية الشهيرة سيلفي فارتان. أما الأخيرة، فهي عارضة الأزياء ليتيسيا بودو التي أعلنت للصحافة وفاته. أما سياسياً، فكان جوني هاليداي مقرباً من اليمين الفرنسي التقليدي (من فاليري جيسكار ديستان إلى شيراك وساركوزي،…). لكن أكبر سقطاته وأبشعها تبقى دعمه إسرائيل بعد حرب الـ67 بشكل مباشر وعلني، حتى أنه صرّح قبل بضع سنوات أنّه كان ينوي الانضمام إلى جيش العدو آنذاك!
يرى بعضهم أن جوني هاليداي رجل وسيم، وأسطورة فنية كبيرة وصاحب شخصية مميزة. لكن كثيرون أيضاً يعتبرونه قبيح الوجه (وازداد قبحاً إثر عمليات التجميل)، وهذه ليست مسألة مهمة، فالأهم أن كثيرين أيضاً لا يقيمون وزناً يذكر لتجربته الفنية… وهذا بصرف النظر عن مواقفه السياسية وتأثيرها الإيجابي (على أتباع جناحه) أو السلبي (على خصومه).