«ثلاثاء الأفلام» بات موعداً ثابتاً في «دار النمر للفن والثقافة»، التي أضافت السينما إلى الفنون البصرية والمشهدية والندوات واللقاءات والأنشطة الثقافية الأخرى التي تستضيفها منذ انطلاقتها قبل عامين.
افتتحت «دار النمر» السنة الجديدة مع عروض لأفلام تتناول القضية الفلسطينية، عبر نسائها وانتفاضتها الأولى ومعتقلات العدو الإسرائيلي. هذا الشهر، تخصّص الدار برنامجها السينمائي لأربعة أفلام لبنانية تسجيلية طويلة وقصيرة أنتجت في السنوات القليلة الماضية. ما يجمع الأفلام الأربعة هي المعادلة التي اعتمدها مخرجوها في الرؤية الخاصة/ العامّة للبلاد. فالشخصيات هنا، هي التي تدلّنا إلى مآزق المدينة، وندوب الذاكرة الجماعية، والشروخ الطائفية، وآلة الإستثمار الخاصّة التي تتربّص بكل المساحات المتبقية في العاصمة اللبنانية.
الفرد هنا هو صلة الوصل بين التواريخ، إنه وجه الحرب، والشاهد على الأحداث ومحرّكها وضحيتها. البداية عند السادسة والنصف من مساء الغد مع «سمعان بالضيعة» لسيمون الهبر الذي جعل من عمّه سمعان بطلاً لفيلمه.
المخرجة الإيطالية اللبنانية يارا بوريللو اختارت بطليها بعناية في «بيت بيوت» و«بين الحروب»، فيما يبدو هيكل في «ميّل يا غزيّل» لإليان الراهب أكثر من مجرّد رجل، وأرضه الشمبوق تتمدد لتغطي مساحة لبنان.
أما سارة سراج، فلا تستسلم لتاريخها العائلي في «ولاد بيروت»، بل تسائله وتصله بهمّ مديني أشمل. بعد كل عرض، سيكون الجمهور على موعد مع المخرجين للحديث عن أعمالهم
ومناقشتها.

«ثلاثاء الأفلام»: كل ثلاثاء من شهر شباط (فبراير) ــ «دار النمر للفن والثقافة» (كليمنصو ــ بيروت). للاستعلام: 01/367013

الأفلام

«سمعان بالضيعة» ـ سيمون الهبر
18:30 ــــ مساء الغد



ينفذ سيمون الهبر إلى الذاكرة الجماعية لبلاده عبر الشخصية الفريدة لعمّه سمعان في باكورته السينمائية «سمعان بالضيعة» (86 د ــ 2008). يسير الرجل الستيني باتجاه معاكس للناس، بتخليه عن المدينة، مقابل العودة إلى الجبل، تحديداً إلى ضيعته الوادعة «عين الحلزون» التي دُمّرت في حرب الجبل (1983)، ما أدى إلى هرب معظم أبنائها. هناك، بين البيت والمزرعة والأبقار والشجر، تتنقّل كاميرا الفيلم الحائز جائزة أفضل شريط وثائقي دولي في مهرجان «هوت دوكس» في كندا قبل سنوات. يقضي سمعان معظم وقته في هذه السكينة. يروي أمام الكاميرا قصصه الشخصية، ذكرياته، وهواجسه، وبعض الأخبار الفكاهية. كل ذلك ليستحضر فصولاً أليمة من تاريخ الحرب الأهلية اللبنانية أبرزها تهجير المسيحيين من جبل لبنان.

«ولاد بيروت» ـ سارة سراج
س: 18:30 ــ 20/2



تصنع تغيرات بيروت السريعة شعوراً ملتبساً معها ومع مساحاتها التي تُسلب يومياً. تركّز سارة سراج في فيلمها «ولاد بيروت» (59 د ــ 2017) على هذه العلاقة القلقة التي رسّخها مشروع إعادة الإعمار منذ بداية التسعينيات، وصولاً إلى تهديد الشركات العقارية الخاصّة لميناء دالية الروشة. في شريطها التسجيلي، تتبنى المخرجة اللبنانية هذه القضية كامتداد لفترة إعمار المدينة. هكذا تقابل والدها الذي عمل مستشاراً إعلامياً لمجلس الإنماء والإعمار، تطرح عليه بعض الأسئلة المتعلّقة بالتاريخ. تنتقل الكاميرا لاحقاً إلى توثيق الأيام الأخيرة لبعض صيادي الدالية منهم نقنوق وعامر اللذان قضيا سنوات طويلة في هذا المكان. تصبح العودة إلى الماضي ضرورية للتنبه إلى التبدلات التي يحدثها الحاضر في المدينة.


«بيت بيوت» و«بين الحروب» ـ يارا بوريللو
س: 18:30 ــ 13/2




من بين أفلامها التسجيلية الأربعة، تحضر المخرجة الإيطالية اللبنانية يارا بوريللو بشريطين قصيرين هما «بيت بيوت» و«بين الحروب». تركت الحروب طبقات من الحديد والمعادن على لوحات وأعمال الفنان التشكيلي العراقي سلام عمر. في فيلمها «بيت بيوت» الذي شارك في «مهرجان كان» هذه السنة، تضيء بوريللو على سيرة الفنان العراقي سلام عمر من خلال تجهيز فني أنجزه، وهو عبارة عن مجسم لبيت. سنرى كيف تبدّلت حياته المهنية وأسلوب عمله وأسئلته مع الحروب التي عايشها في العراق وسوريا. سيعرض أيضاً فيلم «بين الحروب» (17 د)، الذي يتتبع حياة اللاجئ الفلسطيني محمود رمضان، التي تقع بين ثلاثة تواريخ أساسية: النكبة عام 1948 حين انتقل بسببها إلى لبنان، ثم هربه بسبب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 إلى سوريا، وعودته إلى مخيمات اللجوء السوري في لبنان بعد الحرب السورية.


«ميّل يا غزيّل» ـ إليان الراهب
س: 18:30 ــ 27/2


على مقربة من الحدود السورية، يعيش هيكل في أعالي عكّار، في منطقة الشمبوق تحديداً. يحرسه كلباه، وتساعده رويدة في الاهتمام بأرضه ومطعمه. الرجل الستيني هو بطل الفيلم التسجيلي «ميّل يا غزيّل» (95 د ــ 2016) لإليان الراهب. سيجد نفسه يصارع تحوّلات المناخ وبقاءه في أرضه والظروف السياسية والأمنية المحيطة، خصوصاً أنّه على مقربة من الحرب المشتعلة في الجوار. يستعيد مآزقه العائلية. يتوالى الشريط الحائز جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان دبي السينمائي الدولي 2016»، ضمن ثلاثة فصول هي: «هيكل الشمبوق»، و«الأرض»، و«العتبة». صحيح أن العمل يتجاوز الحرب زمنياً، لكنه مقيد بها وبشروخاتها التي تطوف في الفيلم. التعايش والسلم الأهلي ما بعد الحرب، ثيمات لا تغيب عن أعمال الراهب، التي نكأت جراحاً كانت لا تزال راكدة في فيلمها «ليال بلا نوم» (2014).