تأخذك مسرحية «مأساتي» (كتابة عصام بوخالد وسعيد سرحان ــ اخراج عصام بوخالد ــ تمثيل رشاد زعيتر/ تحريك الدمية) التي عرضت امس في «مسرح المدينة»، الى عوالم أخرى. تصبح الدمية مرآة لك. تفتنك بانسانيتها وبابداع تحريكها حتى إنّك تنسى أنّها دمية. رشاد زعيتر خطير ومن قماشة عالمية. محترف جداً جداً. يخطف انفاسك وانت ترى انسيابية حركة الدمية، وتعابير وجهها وتصرفاتها ولو أنّه يذكّرك كل الوقت بأنّها اسفنجة، غير أنك لا تصدق ذلك. هي ممثل من لحم ودم. يغني، يحزن، يفرح، يغضب… كيف لرشاد زعيتر أن يتقن كل هذا؟ الحقيقة هو مبهر بأدائه وتقنيته.بالعودة الى النص، لا بد من دراسته بشكل اعمق. هو السهل الممتنع والعميق جداً، لا سيما جدلية المُسيّر والمُخيّر الفلسفية. نعم في «مآساتي»، يبدو لنا بشكل جلي أننا مسيرون. نحن دمى على مسرح الحياة. نحن اسفنج خلقنا لامتصاص كل المآسي. ولا قدرة لنا على تغيير واقعنا. حياتنا تُرسم لنا. أقوالنا تكتب لنا. يزج بنا في أماكن لا نختارها. ربما هذا ما يشفع «للتوست» في السَلَطة اللبنانية، فهو لم ينزح بارادته الا انه يمكنه أن يخفف من عبء نزوحه عبر التخفيف من امتصاصه للصلصة من طبق السلطة اللبنانية. لقد ابدع عصام بو خالد وسعيد سرحان في كتابة هذا النص المخيف، وأبدع رشاد زعيتر في أنسنة الدمية. «مآساتي» مسرحية بألف. لا بد من تكملة هذا العمل بجزء آخر وليكن اسمه «ملهاتي».

* ممثل لبناني