لم تغب فلسطين عن معظم اسهامات الكاتب والشاعر الفلسطيني الأردنيّ خيري منصور (1945_2018) الأدبية والنقدية الذي قضى مساء أمس بعد صراع طويل مع المرض، على الرغم من ترحيله من أرضها منذ سن يافعة. وسط طفرة من الأعمال الشعرية المكرورة، انتزعت دواوين الراحل مكانة خاصة لها في الأدب العربي ومنها «ظلال» (1978)، و«غزلان الدم» (1981) و«التيه وخنجر يسرق البلاد» (1987)، وكذلك إصداراته الأخرى التي انشغلت في تفنيد الهوية الشعرية العربية والفلسطينية خاصةً كـ«أبواب ومرايا: مقالات في حداثة الشعر» (1987)، «في حداثة الشعر، تجارب في القراءة» (1988)، و«الكف والمخرز» (1980). أبى ابن قرية دير الغصون الواقعة في الضفة الغربية أن تكون آلام الاغتراب عن الوطن المُستلب عائقاً أمامه. استقر في عمان بعد عبوره بالقاهرة والكويت وبغداد حيث عمل محرراً أدبيّاً في مجلة «الأقلام» العراقية وانهمك في تكريس تلك التجربة الشخصية وتخصيبها إبداعياً في مختلف مجموعاته الشعرية التي «خُطت في سهولة ظاهرة ويسر، وفي استرسال طبيعي من دون لجوء إلى التعمية والتعقيد مع الحفاظ على إيقاع داخلي وبعض إيقاع خارجي» كما جاء وصف الناقد الراحل إحسان عباس، مواظباً في الآن نفسه على سكب آرائه المتعلقة براهن النسيج الثقافي العربي ورواده في خلال عامود يوميّ في صحيفة «الدستور» الأردنية.
وقد شكل رحيل صاحب «صبي الأسرار» (1993_دار الشروق) صدمة لمحبيه في مختلف الأقطار العربية. «الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب» نعاه، معتبراً أن «رحيل خيري منصور خسارة كبيرة للأدب وللصحافة والثقافة العربية بشكل عام، فقد ظل صادقاً متمسكاً بمبادئه ووفياً لقناعاته حتى لحظة رحيله، كما عبر عن القضية الفلسطينية التي أثرت على قصائده وعلى إنتاجه الأدبي والنقدي والثقافي». أما وزارة الثقافة الفلسطينية، فقد أكدت أن وفاته «خسارة للثقافة الفلسطينية والعربية، هو الذي كان وبقي، عبر إبداعته، معجوناً بتراب فلسطين وقضاياها، كأحد المبدعين الكبار على المستوى العربي»