عندما قرّرت شركة «المها» الكويتية إنجاز مسلسل عن الإمام أحمد بن حنبل، لم تجد بديلاً عن السوريين لإتمام المهمة. هكذا، أوكلت مسؤولية إخراج النص الذي كتبه محمد اليساري لعبد الباري أبو الخير، ولعب أدوار البطولة ممثلون سوريون، هم: مهيار خضور، وسلوم حداد، ورامز أسود، وغيرهم. حينها، قرّر مصمم الغرافيك السوري حسام الحمد أن يجيّر التجربة لصالح فيلم وثائقي هو الأوّل من هذا النوع، كونه يشرح ببساطة واستطراد مفهوم هذه العملية الفنية، وما تتطلبه من جهود إضافية لمواكبة تصوير المعارك والتقاطات كواليسها وشرح خدعها.
لذا، كان القرار بتصدير صورة حقيقية عما يبذله الفنيّون من جهود تستمرّ شهوراً طويلة حتى تنجز صورة مقنعة للمشاهد. علماً بأنّنا كنّا أمام عمل إشكالي يحتاج إلى بناء مدن تاريخية، وإجادة فن معماري معيّن، وتظهير حقبة تاريخية بشكل توثيقي! فكان على فريق شركة RGB (حسام الحمد) الشغل بمنطق تحليلي ــ بحثي واسع، للإحاطة العلمية بالمرحلة التاريخية، ورسم خطة مشهدية للعمل حتى تتمكن من تقديم حالة تقنية متماسكة، وإنجاز الوثائقي المطلوب، والذي انتهى الشغل عليه قبل أيّام تحت عنوان Yes We Can (نعم نستطيع). على أن يبدأ تسويقه خلال المرحلة المقبلة لعدد من المحطات العربية المهتمة بعرض أفلام وثائقية.
توافرت لـ «الأخبار» فرصة مشاهدة الشريط الذي حظي بظروف تصوير صعبة، في ظل انتقال فريق العمل من تركيا إلى لبنان، وصعوبة بناء مدن تاريخية أو استقدام عدد كبير من المجاميع والكومبارس. وهو ما أتاح له توثيق مادّة غنية جداً مرّت بمعظم الاحتمالات السيئة التي تُبنى لها حلول وتجهّز بخطط وبدائل. يشرح الشريط كيف تم رسم وتصميم المدن بغالبيتها على طريقة الغرافيكس، وكيف أديرت معارك أيضاً بالاعتماد على خلق حالة مرئية لحشد كبير من الجنود، ثم يغرق في شرح كواليس المعارك وإخضاع أهم الممثلين السوريين إلى تدريبات مكثّفة على يد مدرّب إيراني متخصّص. كما أنّه يلقي الضوء على إصابات بعض الممثلين، ومعاناتهم الشديدة، من دون أن يغفل الحديث عن تفاصيل دقيقة في عملية التصوير، ومسألة الافادة من الوقت والفرق في التصوير بين اليوم الصيفي والشتوي. في حين لاحقت عدسة الكاميرا الحمد (مصمّم الغرافيكس ومخرج المعارك) أثناء رحلته إلى الهند نحو أكبر الشركات العالمية لتنفيذ الخدع البصرية. يقدّم الفيلم ملخّصاً سريعاً عن أهم الأعمال السينمائية العالمية التي نفّذتها هذه الشركة، ومن ثم يترك الفرصة لخبرائها لتقديم شهاداتهم بالتعاون مع الدراما السورية للمرّة الأولى، وشرح مبسّط حول آلية وأهمية عملهم في الوقت الزمني الذي يحتاجه عادة!
الشريط، وإن كان يتورّط في بعض الأماكن في لغة اختصاصية قوامها مصطلحات مهنية محدّدة من دون الإفادة من نجومية الممثلين الذين لعبوا أدورا البطولة، إلا أنّه يقدّم على مدار ثلاثة أجزاء (تصل مدّتها إلى ساعة ونصف الساعة) شرحاً وافياً لكواليس الأعمال التاريخية، وما يتعلّق بالعمليات التقنية والخدع البصرية والمعارك التي تصوّرها، كما يسلّط الضوء للمرّة الأولى على فريق المجازفين الذين يقدّمون وفق شروط أمان معيّنة مشاهد خطيرة، ويصوّر أحدها بالتفصيل، محيطاً بالمنطق الذي تنتج فيه هذه المشاهد، فيما يوجّه تحية لأبطالها المغمورين قياساً بنجوم التمثيل!