دعا «المعهد العالي للموسيقى في لبنان» (الكونسرفتوار) إلى أمسية غنائية تقام عند الثامنة من مساء اليوم في مسرح «بيار أبو خاطر» (جامعة القديس يوسف — حرم العلوم الإنسانية / طريق الشام) تحييها سارة سحّاب ويقود فيها «الأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق-عربية» المايسترو سليم سحّاب. إذاً، بعد زياد (نجل فيكتور) وغسان (نجل الياس)، ها هي سارة (ابنة سليم) تنضم إلى فناني الجيل الثاني من آل سحّاب. الرعيل الأول عُرِف بأبحاثه في مجال الموسيقى العربية وولعه بالتجربة الغنائية والموسيقية المصرية منذ مراحلها الأولى في القرن التاسع عشر. أما الموسيقى كممارسة، فارتبط بها سليم دون سواه. الجيل الثاني تمايز بعض الشيء عن الأهل، فكان لزياد تجربة غنائية خاصة، ملتزمة بقضايا سياسية واجتماعية ومتأثرة بأكثر من نمط شرقي. لكن الحصة الأكبر من بين هذه الأنماط تبقى للون المصري نتيجة الإعجاب الموسيقي بعبد الوهاب وغيره والتماهي الموسيقي والسياسي مع تجربة الشيخ إمام. أما غسان سحّاب، فذهب نحو التعمّق بآلة القانون واستعادة الأصيل من تجارب عصر النهضة. أنجز الشابان مشاريع عدة بشكل مستقل، بين إصدار الألبومات الخاصة وإنشاء الفرق وإقامة الحفلات في لبنان وخارجه. لكن سارة سحّاب، التي يبدو أنها انضمّت حديثاً إلى «النادي»، غير معروفة على نحو واسع في لبنان. ربّما هذه حفلتها الأولى في بلدها الأم، مع الإشارة إلى أنها تنشط منذ سنوات إلى جانب والدها في مصر، من العمل معه في تدريب المواهب الغنائية والموسيقية الناشئة إلى المشاركة غناءً في أمسيات يقيمها في مصر حيث يعيش منذ أكثر من ثلاثة عقود. فسليم سحّاب المولود في فلسطين عام 1941، درس قيادة الجوقات والأوركسترات السمفونية في موسكو. وقبل انتقاله إلى مصر، عمل فترة في لبنان بين أواخر السبعينيات والثمانينيات. هكذا كتب مقالات نقدية وقاد «فرقة بيروت للموسيقى العربية» التي تأسست في إطار «النادي الثقافي العربي» لأداء الموسيقى العربية الكلاسيكية من القرنين التاسع عشر والعشرين، وقد صدرت عام 2008 أسطوانة باسم «موشّحات» جُمِعَت فيها باقة من الأعمال التي نفذتها الفرقة بقيادة سحّاب في بيروت. مع انتقاله إلى مصر وتبنّي المحروسة له، بات أشهر مايسترو في مجال الموسيقى والغناء الشرقيَّين، وأعطى لمفهوم قيادة الأوركسترا في موسيقانا بعداً جديداً.
تتمتّع بكل مقوّمات الحفلة الجميلة والمتقنة تنفيذاً

نشأت سارة سحّاب في الأجواء التي كان لا بدّ لها من أن تتأثر بها. فإتقان أصول الغناء والثقافة الموسيقية والشغف بالطرب والغناء الأصيل هي تحصيل حاصل، كونها ابنة سليم سحّاب. بالتالي، فالأمسية المرتقبة الليلة (لم يعلَن عن برنامجها، لكن الريبرتوار الذي تم اختيار عناوين البرنامج منه واضح ومعروف)، تتمتّع بكل مقوّمات الحفلة الجميلة والمتقنة تنفيذاً. يبقى عنصر واحد مجهول. عنصرٌ لا يمكن اكتسابه بالدراسة ولا من الجو العائلي، هو صوت سارة الذي نكتشفه سوياً الليلة، على اعتبار أن لا تسجيلات رسمية لها تتيح التعرّف إلى قدراتها ونبرتها وأسلوبها في الأداء، في حين بعض المتوافر على يوتيوب يعطي فكرة مغلوطة وركيكة عنها.

* أمسية لسارة سحّاب بقيادة سليم سحّاب على مسرح «بيار أبو خاطر» (جامعة القديس يوسف — حرم العلوم الإنسانية / طريق الشام)، الثامنة من مساء اليوم. الدعوة عامة.