عن عمر 77 عاماً، رحل صباح اليوم السينمائي الإيطالي الشهير برناردو برتولوتشي في منزله في روما بعد صراع مع السرطان، وفق ما أعلنت المتحدّثة باسمه فلافيا شيافي في بيان.يعدّ الراحل من كبار صنّاع السينما على صعيد العالم. فاز فيلمه The Last Emperor (الإمبراطور الأخير ــ 1987) بتسع جوائز أوسكار، وأثّر في أجيال متعاقبة من المخرجين من خلال أفلام على شاكلة The Conformist (عام 1970) و Last Tango in Paris (التانغو الأخير في باريس ــ عام 1972)، اللذين استكشف فيهما السياسة والجنس من خلال سرد القصص الشخصية والكاميرا الجريئة. لا شكّ أن برتولوتشي هو أهم المخرجين الإيطاليين من أبناء جيله، كما أنّه نجح في العمل في أوروبا وهوليوود، على الرغم من أنّ علاقته بالاستديوات لم تكن ثابتة. لكن حتّى حين عمل ضمن نظام الاستديوات، تمكّن برناردو من إنجاز أفلام اعتبرت إسقاطات لعالمه الداخلي.
ولد بيرتولوتشي في 16 آذار (مارس) 1941 لعائلة ثرية في مدينة بارما في شمال إيطاليا، وبرزت موهبته منذ الصغر. إبن الشاعر والكاتب المعروف أتيليو بيرتولوتشي، فاز بنفسه بجائزة عن شعره في سنّ الـ 21 ، قبل أن يقرّر أن يصبح مخرجاً.
درس في كلية الأدب الحديث في «جامعة روما» بين الأعوام 1958 وحتى 1961، حيث بدأ مهنته السينمائية كمساعد مخرج لبيار باولو بازوليني، وبعد ذلك بفترة وجيزة ترك الجامعة من دون الحصول على الشهادة. ساعد بازوليني في إخراج عمله الأوّل Accattone في عام 1961. أمّا أوّل شرائط بيرتولوتشي الخاصة، فكانThe Grim Reaper الذي أبصر النور في 1962، وكان عبارة عن تحقيق في مقتل بائعة هوى رومانية عبر وجهات نظر مختلفة. وقد عُرض هذا الفيلم في «مهرجان البندقية السينمائي الدولي».
في سنة 1970، رُشّح لأوّل جائزة أوسكار عن فئة «أفضل سيناريو مقتبس» عن فيلم The Conformist الذي استند إلى رواية لألبيرتو مورافيا. عُرض العمل خلال الفترة الفاشية في إيطاليا، وركّز على مفكر معذّب (جان ــ لويس ترنتينيانت) تم تجنيده من قبل الشرطة السرية لموسوليني للذهاب إلى باريس لاغتيال أستاذ مناهض للفاشية كان في وقت ما مدرّسه. يُصنّف The Conformist بين روائع التي ألهمت سينمائيين كبار في «هوليوود الجديدة»، أمثال ستيفتن سبيلبيرغ، ومارتين سكورسيزي، وفرانسيس فورد كوبولا.

لعب المنفى السياسي إلى حدّ ما دوراً في خيار الراحل إخراج ما أسماه «أفلامه البعيدة» التي تجري أحداثها في بلدان أخرى: «الإمبراطور الأخير» في الصين، و The Sheltering Sky في شمال أفريقيا، و Little Buddha في في نيبال وبوتان.
في هذه الثلاثية، يخرج برناردو برتولوتشي عن قوانين الزمان والمكان، غير أنّ المشاهد يشعر بالحميمية مع الحدث، ويغوص في الصورة عبر لغته السينمائية الخاصة.
علماً بأنّه وعلى الرغم من الاستنكار الذي قوبل به «التانغو الأخير في باريس» (بطولة مارلون براندو وماريا شنايدر) بسبب «جرأته»، قالت الناقدة الأميركية بولين كيل، بعد عرضه في «مهرجان نيويورك السينمائي»، إنّه «يجب أن يُحفر هذا التاريخ في ذاكرة السينما». أما آخر أفلامه، فكان Me and You في عام 2012، المقتبس عن رواية بالاسم نفسه (Io e te) للإيطالي نيكولو أمانيتي.