في هذه السطور، نتناول تعامل الصحافة والفنانين مع زيارة زياد الرحباني إلى مصر. في الشق الأول، أي الصحافة، هناك قسمان: أولاً، الكتابات التي تناولت الحفلة، قبلها وبعدها، ثانياً، المقابلات التي أجراها الرحباني في الإعلام المصري.نبدأ من الكتابات التي تناولت زيارة زياد الرحباني إلى مصر، تمهيداً لتقديم حفلة وحيدة، بمشاركة أوركسترا ضمّت أكثر من 50 عازفاً، جلّهم من القاهرة، ثم الكتابات التي تلت الأمسية. قبل الموعد بعدة أيام، نشر موقع «شاشات» اللبناني خبراً تناول باختصار عزم زياد الرحباني على إقامة حفلة في مصر، مع بعض التفاصيل التقنية العامة. وزّع الموقع خبره على الإعلام المصري بأشكاله المختلفة، على طريقة وكالات الإعلام، فنقلته الوسائل كافة بأمانة. أمانة من النوع الكسول أحياناً (بمعنى أنّ ما من أحد توسّع بالخبر من خلال بحث إضافي). ثم كانت الحفلة وكانت معها الصدمة. الصحافة المصرية في مكان ما، تحت القعر بقليل. أين النقد؟ حسناً، أين التغطية؟ ليس المطلوب نقداً موسيقياً متخصصاً، بل تغطية سليمة بحدّها الأدنى. فبدلاً من ذلك، ارتكبت الصحافة ما هو أسوأ من عدم التغطية، ألا وهو، سوسة التاريخ وعفن المجتمعات: التضليل وغياب الدقة والأخطاء الفادحة. ما قرأناه لا يُصدّق. وما قرأناه، قرأناه في أكثر من مكان ووسيلة. يكتب فلان «كذا» فينقلها الجميع حتى لو كانت خطأ نافراً. «رافقت زياد الرحباني فرقة من 500 عازف» معلومة تناقلتها معظم وسائل الإعلام المكتوبة. أغنية «أمريكا مين؟» أصبحت «أمريكا إيه» لدى الجميع. «زياد الرحباني مولود عام 1856» مستحيل! أما آخر ألبوم أنجزه لفيروز، فلا يمكن ذكره لأن الاسم يتألف من كلمات غير موجودة باللغة العربية (باستثناء حرف الجر «في»). ناهيكم بورود أسماء كأنها كُتِبَت «عالسّمع»، وتعداد كميات من العناوين التي لم ترد في الأمسية، وصلت بإحدى الصحف إلى ذكر سبعة عناوين، من بينها ستة لم تكن ضمن البرنامج. هذا خطير. كيف ستتعرف الأجيال إلى تاريخ مصر؟ ماذا حصل عندما زارها الفنان الكبير الفلاني؟ إلامَ سيستند المؤرشفون في المستقبل؟
من جهة أخرى، أجرى زياد الرحباني مقابلات عدة في وسائل إعلام مصرية، منها جريدة «الدستور» التي نشرت حواراً مكثفاً وجيداً معه لكنها أخطأت في اسم الكتاب الذي يقرأه زياد حالياً عن «بوتين» (وليس راسبوتين). في الإعلام المرئي، أطل الرحباني في مقابلة مختصرة على «بي. بي. سي» العربية (تجدون الرابط على الموقع) وسجّل حلقة طويلة مع منى الشاذلي لصالح «سي بي سي. مصر» ستبث قريباً. كما أجرى مقابلة على إذاعة NRJ (تجدون الرابط على الموقع أيضاً)، قد لا تفيد المتابعين، لأنها تطرّقت إلى مسائل سبق أن تكلّم فيها زياد في لبنان خلال الفترة المنصرمة.
أما فنياً، فقد رحّبت النجمة كارول سماحة بالرحباني في مصر، وكذلك فعلت لطيفة وغيرهما من الفنانات والفنانين، الذي حضروا أيضاً حفلته الوحيدة والتقوه بعدها في الكواليس. لكن اللقاء الأبرز له كان مع الفنانة شيرين عبد الوهاب في منزلها، وقد خرج إلى العلن جزء من هذه الجلسة من خلال فيديو قصير نشاهد فيه زياد مرافقاً شيرين على البيانو وهي تغنّي «كيفك إنت» تحت «أنظار» صاحبة الأغنية. بالإضافة إلى «كيفك إنت»، أدى «الثنائي» مقطعاً من أغنية «قديش كان في ناس»، في الجلسة والأجواء ذاتها.