السفر من مطار بيروت بالنسبة إلى السوريين على وجه الخصوص، أشبه بقصاص غير عادل خلال فترة الحراك الاحتجاجي وقطع الطرقات، خاصة إذا كانت الوجهة محفلاً فنياً يجب الوصول إليه بمزاج عال. قبل انعقاد الدورة الجديدة من مهرجان «أيام قرطاج السينمائية»، كان المخرج السوري جود سعيد يحمل أسئلة متعبة: كيف سيصل إلى مطار بيروت في هذه الظروف العصيبة؟ وكيف سيكون المهرجان بدون منظّمه الراحل نجيب عيّاد مدير المهرجان الذي توفي قبيل أشهر وتحمل هذه الدورة اسمه تكريماً له؟ هكذا، وضّب مخرج «مطر حمص» حقائبه برفقة بالسينمائي المخضرم محمد ملص، والنجمين محمد الأحمد وحسين عبّاس متوجهاً إلى بيروت. سبع ساعات السفر من دمشق إلى العاصمة اللبنانية، صوّرها بكاميرا هاتفه في بث مباشر على الفايسبوك. رأينا الطرق الترابية الوعرة التي تسلكها السيارة لتصل إلى مطار رفيق الحريري. على أي حال، انقضت الرحلة على خير، ووصل الضيوف السوريون منهكين إلى قرطاج، لكن ما إن حانت ساعة العرض العالمي الأوّل لشريط «نجمة الصبح» (إخراج جود سعيد وكتابته مع سماح قتّال) حتى أحال المشهد كل التعب إلى فرح.... 1800 متفرّج من الجمهور التونسي وضيوف المهرجان تزاحموا على أبواب الصالة لمتابعة الشريط الذي لعب بطولته كل من محمد الأحمد وحسين عبّاس ولجين اسماعيل ونسرين فندي وآخرون... الفيلم يفتتح سجل المخطوفات السوريات، ويجرّب بواقعية نقل معاناتهن وفق افتراض سينمائي، بقصد تحويل حكاياتهن مرآة للحرب السورية والخراب الذي حل بالإنسان قبل أي شيء. لعلّها قصة أمل من دونه تصبح الحياة ضرباً من الموت! وباعتبار أنه ربما يكون للجان التحكيم حسابات في منح الجوائز بمنطق عادل، بمعنى أنها لا تمنح المخرج ذاته جوائز في دورتين متتاليتين من المهرجان نفسه (حصل فيلم سعيد «مسافرو الحرب» العام الماضي على جائزة جمعية النقاد الدوليين في مهرجان قرطاج، إضافة إلى جائزة الجمهور، جائزة أفضل صورة، والتانيت البرونزي للأفلام الروائية الطويلة)، أنصف الجمهور الضيف السوري ليفوز «نجمة الصبح» بالتانيت الذهبي لجائزة الجمهور بعد تصويت 1200 متفرج لصالحه.