يعيد سامي خياط عرض Taisez -Vous على خشبة «مسرح بابل» بعد توقفها في «مونو» بسبب برنامج حجوزات المسرح. يعود خياط الى الحمرا بعد غياب 16 عاماً، مع العلم أنّه ينتج عرضاً واحداً على الأقل في كل عام منذ 1960. لذا، قد يكون خياط الأكثر غزارة والأكثر استمراراً بشكل ممنهج، وبخطى ثابتة لخطٍ مسرحي ابتدعه لنفسه يحتوي القليل من خصائص «الفودفيل» ومن مسرح الـ «شانسونييه» (أي القوّال). في عامه السبعين، لا يقتصر احتفاؤنا به على مثابرته في استكمال مسيرته ومزاولة نشاطه المسرحي فحسب، بل أيضاً على قدرته كممثل على الوقوف فوق الخشبة بحضور حيوي لافت.
روح المهرّج تنبض في القلب والجسد السبعيني. يفاجئنا سامي خياط بخفته المميّزة وحركته السريعة المنضبطة على الخشبة، ما يتطلب لياقة عالية وملفتة وفيها حنين الى الطفولة تنسي المُشاهد سنوات الكهولة. يتناول خيّاط مواضيع ومواقف مختلفة في اسكتشات متفرّقة تسخر من ثرثرة اللبناني وادّعائه منذ الستينيات، كذلك تسخر من «نجوم» الشاشات، وأصدقائنا الذين «يتفلسفون» علينا، ومعارفنا الذين يملون علينا ما نفعل، وحتى ممن نلتقي بهم مصادفة في الحياة. «فعلاً نحن شعب ثرثار ومدّعٍ» هذا ما يدور في رأس المتلقّي وهو يشاهد «تيزي فو».

يفاجئنا بخفته وحركته السريعة على الخشبة


لعلّ عروض خيّاط تحمل الكثير من خصائص فن التهريج في ما يتعلّق باستخدامه للتعبير الجسماني، وإيقاع حركته الجسمانية في التماشي مع الموقف والإحساس والشخصية التي يجسّدها، كما في فكرة المشهد وتركيبته ومعالجته وتطوره، وكيف تخرج الأحداث عن السيطرة في النهاية. بعض المشاهد تقوم على اللعب على الإيقاع الحركي أو اللعب على الكلام أو على إيقاع الكلام، من دون الاستناد الى نكات مبتذلة. يلعب خياط على السخرية من خلال مواقف تفاوتت بين المثير للضحك، وبين أخرى عانت من التطويل بعض الشيء. ورغم أنّ بعض أفكار المشاهد قد تقترب الى الكليشيه، إلا أن طريقة أداء خياط الديناميكية وخفيفة الظل، تغيّر المسار لتضيف الى المشهد نكهة فن تهريج خيّاط الخاصّة من ناحية الأداء. أما خياط المخرج، فقد يكون قد عمل على إدارة الممثلين، إلا أنه كان هناك تفاوتاً بين القدرة التمثيلية والجسدية الهائلة التي يتمتع بها هو، وبين القدرات التمثيلية المتفاوتة الأخرى. قد يكون وجود خياط كممثل داخل العرض حال دون الرؤية الواضحة، ودون الوصول الى مشهدية تساعد على خلق جو المشاهد من خلال استخدام عناصر مسرحية أخرى كالملابس والإكسسوارات والإضاءة. سامي خياط الحائز خمس إجازات علمية لا يحمل شهادة مسرحية، بل يحمل حساً فنياً فطرياً تبلور «من مغارة مار منصور التي كان يبنيها ويحرّكها أبي بيديه مع تنسيق بين الإضاءة والحركة والموسيقى منذ كنت في الثالثة من عمري، قبل أن أشاهد أي عرض مسرحي. أبي هو معلّمي الأول»



Taisez Vous: 20:30 مساء الخميس والجمعة والسبت ـ «مسرح بابل» (الحمرا ـ بيروت) ـ للاستعلام: 01/744033