«عَم يوجعني وطني» هي أغنية الفنانة جاهدة وهبة التي سبقت الانفجار بأسبوعين. الأغنية (كلمات وألحان: جاهدة وهبة ـــ بيانو: لوقاس صقر ـ تشيللو: ساري خليفة ـ تنفيذ الفيديو: يارا الضهر) تم تسجيلها في الحجر المنزلي فبل أسبوعين من انفجار بيروت. أغنية مفتوحة على الوجع الذي لا يستسلم لإيقاع الحزين، فيخرج عليك متمرداً وهو يعرج، ويا للعجب على إيقاع الفالز ٣/٤ . ومن لا يصدق، فليعدّ نبضاتة الثلاثية قبل أن يتغير إلى مضاعفاتة الإيقاعية الأخرى ليبتكر لحنه الممتلئ بنوستالجيا الحنين الموسيقي والشعري وهما يتسابقان على شفافيّة التعبير الفنّي عن الواقع اللبناني المؤلم ويستشرفانه! لقد سبقت الأغنية بلحنها وكلامها انفجار عاصمتنا، بقوة فساد تعتبر غير قابلة للقياس لا على مقياس ريختر ولا على القوة الانفجارية التي عادلت بانفجارها ثالث أقوى قنبلة يعرفها العالم بعد هيروشيما! كأننا نريد أن نسجّل رقماً قياسياً لأقوى فساد وإفساد في العالم على سجل غينيس! كأنها أغنية جاءت لتتنبّأ بانفجار أقوى قنبلة فساد حكّام في العالم وهم يتعاونون مع مدراء مصارفه لسرقة أبناء شعبهم باقتصادهم ومستقبلهم وأحلامهم! أغنية ربما تنبّأت واستشعرت الآتي الأليم وهي ترصد أجواء لحنها الخارج من حزن يعزف وجعنا على سلم «ري الصغير» RE MINOR. وقد صاغ الأخير شجن الآه بحرقة وهو يصارع اليأس من دون أن يستسلم بل يلجأ بقوة إلى سؤال الفن وماهيّته والذي يعرف كيف يجيب بدوره، ويقوم مسؤولياته. قد يكون من العبث الكلام عن اللحن بكلمات ستلهث خلفه بمفردات اللغة التي تتألم على مدى الصوت الذي تؤديه الفنانة المتمرّسة بطرائق وهويات وأساليب الغناء الذي يمتد بين الشرقي والغربي بدراما الليريكي الذي بينهما. جاهدة وهبة قد تكون أقدر مَن يستطيع ردم هذه الهوّة العميقة التي تفصل بين اللحن والكلمة عندما تستدعي الحالة جذرية دراميتها بقول المشاعر الوطنية بهذا القسوة! لم يخطئ الشاعر الكبير الراحل سعيد عقل حين امتدح السعة التعبيرية لصوتها، تماماً كما أضاف لإسمها فنان الصوت الأعظم الراحل وديع الصافي حرف الميم في بدايته مسمّياً إيّاها بـ «مجاهدة الصوت»، معلّلاً ذلك باتساع طبقات صوتها وهو يخرج من طبقاته النسائية مُطِلاً منه بسلاسة لحنية على بعض الطبقات الرجالية التي لا تؤديها غيرها، فيشدّ على جرح الوطن بقوة تطوي أوجاعي، أفراحك وأتراحه وانتصاراته! . فلنترك الوصف اللحني إذن للسماع، ولنتراجع الى اللغة التي تقولها القصيدة بما يفهمه الجميع: يا أرزة بْقلب العَلَمْ
وفيّة قلبِك سَكَني
ياما بِسيف وقلمْ
زهَّر مجدِك بالدِّني
لبنانِك عمْ ينظلَمْ
لا تخافي ولا تنحِني
متلِكْ عمْ حسّ بألمْ
وعمْ يوجعني وطني

طيرِ الفينيقْ لو هوى
بيجدِّد روحْ شبابو
وبيعود نحلِّق سوا
يا أرزة خبّري ال غابوا
لبنان بْجرحو الدّوا
لوْ مهما سْهامن صابو
ومتلِك لو خِلْص الهَوا
مننتفَّس من ترابو .

يوتيوب