(إلى ترامب ، يومَ سقوطه الجميل)
ثورةٌ من مَلاحمِ العُنفوانِ
قَلَبَتْ عرشَ مُستَبيحِ الزمانِ
إنهُ الشّاهُ جالسٌ ألفَ عامٍ
بينَ عَزْفِ الأرواحِ... والصولجانِ
أرسلَ الموتَ من جَناحيهِ غَيماً
مُثقَلاً بالسَّوادِ... والأُرجُوانِ
شَعْبُ إيرانَ زُجّ بالنارِ... حتى
رَصَدَ الفجرَ في دَبيبِ الثّواني
فإذا الناسُ كلُّهُمْ في قِيامٍ
أينَ منهُ قيامُ صوتِ الأَذَانِ
إنّ حُبَّ الحياةِ بالظلْمِ حُكْماً
سَيُرَقّي أحلامَ حُبِّ التَّفَاني
صَدَقَ للهُ وعْدَهُ فعَرفْنا
صَوتَ بُشرى يجتاحُ كلَّ مكانِ
هكذا صارتِ التواريخُ ترْوي:
رَقْصَةُ الحقّ شُوهِدَتْ بآلْعَيانِ
تلك إيرانُ أشرقتْ وأتاحتْ
أن يرى المرءُ نفسَهُ،في آمْتحانِ!
***
وأَفاقَتْ على الضجيجِ وحوشٌ
تُرعبُ الكائناتِ... دون عَنانِ
أدرَكَتْ أنّ تحتَها الأرضُ مادَتْ
وَأمانُ الإجرامِ... ما بِأمانِ
فآشْرَأبّتْ وعَرْبَدَتْ وتمَادَتْ
بإِشاراتِ... الآمِرِ البَهْلوانِ
إنّ إيرانَ حدّدَتْ بضميرٍ
بين حُكْمِ القرآنِ... والقَهْرَمَانِ
جعَلَتْ صَبْرَها كتابَ حياةٍ
علّمَتْهُ ... للشِّيْبِ والوِلْدانِ
صَبْرُها آلْمُرُّ بات يُقرأُ لُغْزَاً
في رؤوسٍ تَحَيّرَتْ بآلْمَعاني
هِيَ ذَا الكوكبُ الشّقيُّ ،ويأتي
عابِثٌ كي يَطَالَها... بِبَنَانِ !
—————
ألْفَ لا للسكوتِ بالذُّلّ... قالتْ
فآسْتَفَزّتْ... عَوَاهِرَ الأذْهانِ
وَلَها سِيْقَت الحروبُ «عِقاباً»
طالَ... حتى تَنُوءَ بالأثمانِ
في عِراقٍ تَخَطّفَتْهُ المنايا
... لِيَلِيها شَرٌّ على العِرْقِ بَانِ:
هي «أمريكا» أقبَلَتْ وتَثَنّتْ
تَنهَبُ الرافدَين... أرضَ جُمانِ
تهدِمُ الأرضَ والسماءَ عليهِ
أمَلاً في غوايةِ الإذعانِ
وتُرَبّي من «داعشٍ» شَرَّ قَومٍ
ليكونوا أبناءَها... في الرّهانِ
فأبَتْ نخلةُ العراقِ وصاحتْ
لن تَهُزّوا جِذْعي ولا أغصاني
أنا قلبي مُقاوِمٌ... وبروحي
نفحةٌ من روائحِ الرحمانِ
فآهربوا قبل أن تصيروا طعاماً
لِأسُوْدٍ ... تَهيمُ بالغزلانِ!
وتَنَادَوا قبل الحسابِ سِراعاً
فشجاعٌ يمشي وراءَ جَبَانِ
نحنُ أهلُ الحُسينِ هلّا سمعتُمْ
بحُسَينٍ... في معدنِ المَيدانِ؟
نحنُ خُبْزُ العراقِ... كنّا ونبقى
مَن يصُدُّ العدوان... بالعدوانِ.
***
وبلبنانَ غابةُ الأرْزِ ضاقتْ
وأناشيدُها آختَفَتْ... في هَوانِ
جاء جيشُ العدوّ يمحَقُ ما في
شعبِ لبنانَ من غِنى لبنانِ
كانَ قتْلٌ للأبرياءِ... شديدٌ
وعليهمْ صُبّتْ كؤوسُ الدِّنانِ
فحسِبْنا أنّ النهايةَ حَلَّتْ
حينَ باتَ العدوّ يلقى التهاني
فآنبرَتْ حزمَةُ السيوفِ ونادَتْ
في وجوهِ الأصنامِ: هذا أواني
والسيوفُ التي تَحدّتْ... كما لَو
حَلّ فيها إنسٌ قريبُ الجَانِ
وَدّعوا الإبنَ والصّحابَ ومالوا
جهةَ القلبِ لحظةً... من حنانِ
خبّأوا في الصدورِ بأساً شبيهاً
بالليالي السّوداءِ في الحرمانِ
عَايَنوا الشمسَ قبل أيّ شروقٍ
سمِعوا الصوتَ قبلَ أيّ أغانِ
زَرعوا بالجنوبِ أقدامَهُمْ... ما
زرَعوها إلا... منَ الوجدانِ
جرّبَتْ إسرائيلُ كلَّ جُمُوحٍ
فتّشَتْ في شقائقِ النُّعمانِ
ضَيّعَتْ رُشْدَها فلم تَتَبَيّنْ
نَقْرَةَ الطيرِ... من نَهيقِ الأتانِ
قاتلتْ نفسَها آرتباكاً وخوفاً
أطلَقَتْ نارَها... على النيرانِ
وبـ »ِأيارَ» كان نصرٌ... فَشَعّتْ
بعيونِ الأجيال خُضْرُ الأماني..
ثم عادت في «حرب تموز» ثأراً
... لا تموتُ السّمومُ في الثعبانِ
و«ثلاثون» أيامها... أدْخَلَتْها
في صُداعِ الأحجامِ والأوزانِ
ولإيرانَ في المعارك كانت
وِقْفَةٌ روحُها منَ السِّندِيانِ
«حربُ تموزَ»... مسرَحٌ وعليهِ
بَانَ لِلْعَينِ مَشهَدٌ... في آلْجِنانِ.
***
... فإلى سورِيَا... تَجَمّعَ كَوْنٌ
من بقايا تَوابِعٍ وَدَوانِ
خرّبوها أصْلاً وفصْلاً وشَكّوا
خنجراً في مَراحمِ الأديانِ
أفرغوها من أهلها بِدماءٍ
سالَ منها حُزْناً... دمُ البيلسانِ
قاوَمَت سورِيَا الظلامَ عليها
باشتعالِ النفوسِ في الأبدانِ
حبّةٌ من ترابها... بشهيدٍ
لم تُزَحْزِحْهُ طَفْرَةُ الغِرْبانِ
ولإيرانَ موعدٌ... ولقاءٌ
نُصرةً للرفاقِ والأقرانِ
فإلى النصرِ سورِيَا إنْ عَلِمتُمْ
وإلى القبرِ... نَوبَةُ الغَثَيانِ!
————
وفلسطينُ أصبحَتْ ذاتَ رمْحٍ
حرّرتْ نفسَها منَ النسيانِ
وعدُوّ الشعوب بات يُداري
آلرمحَ من أجْلِ... هَدْأةِ الأجفانِ!
رفَعَت آيةَ الجهادِ وعادت
حَجَراً في فمِ آعترافٍ مُدانِ
لم تُقَارِبْ «بسِرْقةِ القرنِ» حَرْفاً
فَهْيَ وَصْفُ الصّيَامِ... للجوعانِ
«قُدْسُها» تَكْتُمُ الهوى لِبَنِيها
أجملُ الحبّ، عاشَ في آلْكِتمانِ
ولإيرانَ ساعِدٌ من حَديدٍ
مَرّ من فوقِ غضبةِ التيجانِ.
***
والحُفاةُ المُكلَّلُونَ بـ «صَنْعا»
لمْ يَكونوا سَطراً بأيّ بَيانِ
حوّلوا الغزوَ فرصةً... ليقولوا
أخطأ الظالمونَ... في العنوانِ
«يَمَنٌ» صارخٌ بِرَفْعِ يديهِ:
أوّلُ العُرْبِ لن يعودَ لِثانِ!
***
بين مَن جاء يبتغي القتلَ فينا
ويَصُفُّ البلادَ... كالقطعانِ
والذي جاء يبتغي نهضةً في
أُمّةٍ عُلِّقَتْ على الأحزانِ:
نحنُ في الخندقِ المُقاوِمِ حتى
يَملأَ الوعدُ كَفّةَ الميزانِ...
قَدَرُ الحَقِّ أن يكونَ قَريباً
لِغَدِ المُبْصِرين... والعُميانِ
قَدَرُ المرءِ أن يُغرّدَ حُرّاً
في فضاءِ السهولِ والوديانِ
إنما كيف؟ بالرِّضا؟ أَنُجاري
أوْصياءَ البلادِ... في آلْبُهتَانِ؟
ورجالُ العقولِ خلفَ خُطاهُمْ
دونَ رأيٍ مُزَلْزِل أو كيانِ
فالسرورُ العظيمُ يومَ سنمحو
إسمَنا... عن موائدِ السلطانِ
وأسامي بلادِنا من قطارٍ
يعرِضُ الحالَ بَيْعَةً بالمَجانِ...
إِنْ تَبيعوا إرادةَ النّقْضِ، تَنزِلْ
فوقَكُمْ غابةٌ... منَ التّوَهانِ
وسَتَبْدونَ في جلالِ ثيابٍ
صورةً جُمِّلَتْ عنِ آلْأُلْعُبانِ
لا عَدُوٌّ لكُم سوى في ذَوَاتٍ
تَتَرجّى أمانَها... من دُخانِ!
وتظنُّ السلامَ ضَرْبَةَ حظٍّ
... وهدايا تُنَالُ... بالإحسانِ
نحنُ في عالَمٍ يرانا عَبيداً
هكذا العَبدُ: وهْو في العيش، فانِ
قُوّةٌ أنتَ، أنتَ ضَعفٌ... فحَدِّقْ
أيُّ هذَينِ... شِئتَ في آلْحِسبانِ؟
تَصنعُ القوّةُ البهيّةُ نَفْسَاً
ما أَقَرَّتْ لِسَطْوةِ البركانِ
إنّما الضعفُ، فآلْمُكَبَّلُ فيهِ
يَتَداعَى... منْ مَنْظرِ الشّمْعَدانِ!
خُلِقَ الناسُ للكرامة أرباباً
... ودُنيا تموجُ في الشِّرْيانِ
عَبَثاً يفعلونَ فالدهرُ صَوتٌ
ساطعُ النُّبْل... أَرْيَحِيُّ اللسانِ
وبِفَخرٍ نعيشُ... لكنْ بقَهْرٍ
أنْ سِوانا يعيشُ... دَورَ الغواني!
***
هِيَ «أمريكا»: إنْ قَرُبْتَ إليها
ركِبَتْ ظهْرَك العليلَ آلْحَاني
وإذا ما رفَضْتَها لِرُكوبٍ
أَقفلَتْ للنّجاةِ كلَّ المَواني
وإذا ما وقَفْتَ في وَجْهها قُلْ:
تمنعُ الارضَ عن هُدى الدّورانِ!
هيَ رَبٌّ؟ حاشَى! بلِ آلْكُفْرُ فيها
بقِناعٍ... يَعُوْذُ بالشيطانِ
هيَ نَحْرُ الشعوبِ حتى يَجيئوا
مُسْتَظِلّيْنَها... منَ القرصانِ!
هيَ «أمريكا»... والزمانُ مَليءٌ
بغُزاةٍ... باتوا منَ الأوثانِ
وطُغاةُ الكونِ الجريحِ آسْتَحَقّوا
لَعَناتٍ أَوْصى بها الثَّقَلانِ...
***
بَشَرٌ هؤلاء كيف تُنادي
سيّد «ترامب» أنهمْ... من زؤانِ؟
بَشَرٌ هؤلاء كيف تُعادي
كلَّ منْ لم يَجِئْكَ بالأحضانِ؟
بَشَرٌ هؤلاء... كيف تحمّلْتَ
... بأنّ الوجودَ منكَ يُعاني؟
بَشَرٌ هؤلاء مثلُكَ يا مَن
حَشَرَ العالَمينَ في قُضبانِ
بَشَرٌ هؤلاء لا تَتَصوّرْ
أنهم في يديكَ... كالقُربانِ
ضاقتِ الأرضُ من مزاجكَ حتى
لم تُتِح غيرَ متعةِ العصيانِ
هَاكَ وَادي الدموعِ في الشرقِ تبدو
فوقهُ منكَ، بَسمَةٌ... ويَدانِ
يا آبْنَ قَتْلِ المَسيحِ يوماً فَيَوماً
بشعوبٍ... تُلقى على الصُّلْبانِ
بَشَرٌ هؤلاء... تعرفُ عنهُمْ
من بَريقِ المياهِ في الغُدرانِ
مِن صباحِ المساءِ وهُو أَنيقٌ
مِن جباهِ النساءِ والفرسانِ
فإلى أين سوف تمضي؟ وماذا
سوف تَجْني في آخر الهَذَيانِ؟
***
إنّ حُرّيتي نَصيبي منَ الدّنيا
فلَن تَرمي بي إلى أَكْفاني
قُوّتي في يقينِ قلبي بأني
إنْ طلَبتُ النجومَ... نَخَّتْ لِشاني
لا تَقُلْ لي: لا يُطْعِمُ الشِّعرُ خُبزاً
يَرفعُ الشِّعرُ .. دَولةَ الإنسانِ
والبقاءُ العزيزُ بالسيفِ يُحْمى..
فَلْنُقاوِمْ... والمَوتُ لِلْغُفْرانِ.