ماجد فخري الذي غاب في المهجر الأميركي الشمالي عن عمر مديد، انشغل فيه بالفلسفة، تدريساً وتأليفاً وترجمة، درست عليه، مع صحبة عزيزة، قبل أن نتفرّق، قبل أربعين عاماً ونيّف، في الجامعة الأميركية في ظلّ دوحة بيروت زمن البراءة والرومانس والصبا والجمال، فكنّا ننتظره عند باب قاعة المحاضرة وينضمّ إلينا خليل حاوي وهو خارج من قاعة مجاورة ليلقي التحية على أستاذنا فخري الذي كتب عن ديوان حاوي «نهر الرماد» زمن صدوره في عام 1957، والاثنان صديقان منذ منتصف الأربعينيات. على يد ماجد فخري درست فلسفة اليونان ثمّ فلسفة أرسطو والفلسفة الإسلامية والفكر العربي الحديث من علي عبد الرازق إلى حسين مروّة مروراً بعبد الرحمن بدوي وزمانه الوجودي. أغنى فخري مكتبة الفلسفة العربية بمؤلّفات يُشهد لها: «أرسطو» (1958)، «ابن رشد فيلسوف قرطبة» (1960)، «رسائل ابن باجه الإلهية» (1968)، «دراسات في الفكر العربي» (1970)، «أبعاد التجربة الفلسفية» (1980)، «تاريخ الفلسفة اليونانية» (1991)، «دراسات جديدة في الفكر العربي» (2007).
أمّا كتابه بالإنكليزية «تاريخ الفلسفة الإسلامية» A History of Islamic Philosophy فبوّأه مكانة رفيعة في جامعات الغرب، إذ جاء تاريخاً جامعاً محكم الحلقات من القرن الثامن حتى القرن العشرين، وترجمه لاحقاً إلى العربية كمال اليازجي (2000)، لكن، والحقّ يقال، سما فخري في ترجمته القرآن إلى الإنكليزية، إذ عُرف أستاذنا بجزالة أسلوبه بالعربية وتمكّنه من الإنكليزية، هو المولود في الزرارية في قضاء صور عام 1923 الوافد إلى «أميركية بيروت» (ماجستير فلسفة 1947) الذاهب إلى «جامعة إدنبرة» في اسكتلنده (دكتوراه 1949) العائد أستاذاً إلى «أميركية بيروت» حتى عام 1998 فمحاضراً في «جامعة جورجتاون»... البحّاثة النقّابة حتى وفاته يوم 4 آذار (مارس) الحالي، درّس على مدى سبعين عاماً في بيروت ولندن وكاليفورنيا وبرنستون، ورأس دائرة الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت لعقود وفاجأنا عام 1979 حين قرّر علينا في برنامج الدرس «النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية» لحسين مروّة، وكان قد صدر عام 1978. منذ غادر «أميركية بيروت» إلى «جامعة جورجتاون» في واشنطن العاصمة، أُسبغ عليه لقب أستاذ فخري، فلا عجب، وهو أيضاً ماجد.

* كاتب فلسطيني

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا