يشكّل ألبوم «أركيوفونيا» رحلة عبر الأرشيفات الصوتية، يأخذنا إليها رائد ياسين على غرار علماء الآثار، مستخرجاً إيقاعات موسيقية وضربات طبول وأصواتاً من الماضي. يمزج الفنان اللبناني تسجيلات نادرة من الموسيقى العرقية في منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا، مع تأثيرات وضربات الموسيقى الإلكترونية. ووفق توصيف المشروع الذي نال منحة «آفاق» سنة 2018، فإنه يأتي «كوثيقة أثريّة للصوت، وكناقل أو موصّلٍ تجريبي مستحدث للتاريخ الموسيقي». يحاول ياسين في ألبومه أن يلعب دور قائد الفرقة الموسيقية لهذه التسجيلات التاريخية، باختياراته لأعمال موسيقية يقوم بتفكيكها وتشويهها وبعثرتها. يستند في ذلك إلى تسجيلات الموسيقى «العرقية» التي راجت كموضة بين الخمسينيات والثمانينيات، على يد علماء الموسيقى العرقية الغربيين بأسلوب يحتفظ بالسطوة الاستعمارية نفسها. من هنا، يعمل ياسين على إنجاز وثائق صوتية، تعكس تاريخ هذه الموسيقى وتشويهها المستمر من قبل بعض السلطات الاستعمارية في ذلك الوقت، ليخوض ويحفر عميقاً في كلّ هذه الطبقات السلطوية التي أحاطت بذلك النمط الموسيقي. هكذا تضمّ الأسطوانة ثماني مقطوعات صوتية وموسيقية، قام ياسين بتعديلها بتقنيات مختلفة. علماً أن الفنان اللبناني وعازف الغيتار، يعدّ واحداً من وجوه المشهد الموسيقي اللبناني التجريبي، خصوصاً أنه ساهم في إطلاق مهرجان «ارتجال» للموسيقى التجريبية في لبنان إلى جانب موسيقيين آخرين، فيما خاض تجارب موسيقية متعدّدة أحدثها فرقة Praed إلى جانب عازف الكلارينيت السويسري بائد كونكا.