عاد الجمهور التونسي إلى المسرح بعد انقطاع دام حوالي عام ونصف العام بسبب كوفيد 19 ومنع الحكومة للتجمعات والعروض الثقافية والفنية التي نُظَِّم عدد منها من دون حضور الجمهور وعبر تقنية الستريمنغ. لكن هذه العروض في أسبوع المسرح التونسي أو أيام قرطاج للرقص المعاصر وغيرها كانت بلا روح .مدينة المهدية عاصمة الفاطميين التي انطلق منها معز لدين الله الفاطمي ليبني القاهرة تشهد منذ مساء الجمعة لغاية الأحد المقبل احتفالاً كبيراً بالمسرح كشف تعطّش الجمهور للفرجة الحية في مناسبة الدورة الثالثة من «مهرجان مسارات المسرح» الذي ينظمه «المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية» في المهدية.
تضمّن المهرجان مجموعة من العروض كانت بدايتها مسرحية «شريدة» في عرضها الأولى (إنتاج المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية في المهدية ــ إخراج وكتابة حسام الغريبي) المستهلمة من قصص البحر الحزينة. فمدينة المهدية معروفة بالصيد البحري وبالميناء ولا يكاد يمر عام واحد من دون أن يلتهم البحر مركباً من مراكب الصيادين. وقد استحضرت المسرحية مناخات البحر ولغة الصيادين وشهدت عودة ممثلي مدينة المهدية بعد ثلاثين عاماً من توقف نشاط «فرقة المهدية للمسرح». أما بقية الأعمال، فتعبّر عن المخاض السياسي الذي تعيشه البلاد منذ عشر سنوات كما عن حالة الاحساس باللاجدوى التي يعيشها الانسان المعاصر وسط أزمة صحية واقتصادية خانقة. من بين هذه الأعمال: «آخر مرة» لوفاء الطبوبي، و«دولاب النار الباردة» للمسرحي المخضرم حمادي المزي، و«الروبة» لحمادي الوهايبي، و«غربة» لحمزة بن عون ومسرحية «x» لمركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف (شمال غرب).
وخصّص المهرجان ندوته الفكرية لمحور المسرح التونسي والتحولات الاجتماعية. وقد تناول الباحثون من مسرحيين ومؤرخين وأساتذة في المعهد العالي للفن المسرحي في تونس بعض التجارب منها تجربة «المسرح الجديد» مع فاضل الجعايبي وجليلة بكار وفاضل الجزيري في تعبيرها عن الأزمات الاجتماعية والسياسية في تونس، وكذلك تجربة المسرح الاذاعي ودوره في نشر خطاب الدولة الوطنية الناشئة.
واحتفى مهرجان «مسارات المسرح» بتجربتين من أبرز تجارب المسرح التونسي وهما تجربة حسن المؤذن وحمادي المزي ومسيرة فرقته «سندباد» (تأسست سنة 1989) وبذلك يكون المهرجان قد افتتح موسم المهرجانات في انتظار التظاهرات الكبرى في الثلاثية الأخيرة من السنة وهي «معرض تونس الدولي للكتاب» و«أيام قرطاج المسرحية» و«أيام قرطاج السينمائية» و«مهرجان الأغنية».