رحل أمس المفكّر المصري حسن حنفي (1935 – 2021)، بعد سنوات طويلة أمضاها في تجديد التراث الديني الذي تحوّل إلى قضيّة سياسية واجتماعية بالنسبة إليه. وبهذا خسرت مصر أحد أهم وجوه منظّري تيّار اليسار الإسلامي وأحد أبرز روّاد التنوير في البلاد. الأكاديمي وأستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة، خلف تركة كبيرة في مؤلّفاته الفكرية حول الحضارة العربية والإسلامية مثل «الهويّة»، و«حوار المشرق والمغرب»، و«التراث والتجديد» و«اليمين واليسار في الفكر الديني» و«مقدّمة في علم الاستغراب» الذي دعا فيه إلى ضرورة إخضاع الغرب للدراسة من منظور الذات. يمتدّ مشروع التراث والتجديد لدى حنفي إلى مرحلة دراسته للدكتوراه في باريس، إذ أنه انكبّ طوال عقود على العمل على مسارات عدّة في هذا السياق، منها الموقف من التراث القديم، والموقف من التراث الغربي، والموقف من الواقع. هكذا رافقه هذا المشروع في تنقّله كأستاذ للفلسفة بين فاس وطوكيو، قبل عودته إلى القاهرة ليعمل مدرّساً للفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة، كما ساهم لدى عودته مع آخرين في تأسيس الجمعية الفلسفية المصرية نهاية الثمانينيات. ورغم أن حنفي آمن بأن يكون تجديد الإسلام قضية شعبية، لا يمكن لها أن تتحقّق إلا من خلال الجماهير، إلا أنه كان مقتنعاً بأن القاعات المغلقة هي المساحة الأمثل لمناقشة قضايا الفلسفة خصوصاً بسبب الالتباس والاستثمار السياسي الذي قد تقوم به الجهات المتشدّدة كما حصل مع نصر حامد أبو زيد. مع ذلك، لم ينج حنفي من محاكم التفتيش الإسلامية المتشدّدة كما حين رفض «مجمع البحوث الإسلامية» كتباً عدة له، متهماً محتواها بـ«التطاول على الإسلام». كذلك واجه حنفي هجوماً من قبل «جبهة علماء الأزهر» التي وجّهت له اتهامات بالكفر والإلحاد خصوصاً لأفكاره التي عبّر فيها عن أن «العلمانية هي روح الإسلام». وفي هذا السياق، كان لدى حنفي موقف واضح من تجربة الإخوان المسلمين في الحكم في مصر، وهي تجربة فاشلة لأنّ غياب أصول الحكم عنهم، وخصوصاً لفشلهم في المشاركة مع الآخرين.