افتتح فيلم «روابط مقدسة» للمخرج التشادي محمد صالح هارون الدورة الثانية والثلاثين من «أيام قرطاج السينمائية» بعدما حصد إعجاباً كبيراً في الدورة الثانية والسبعين من «مهرجان كان» في دورته الأخيرة. يطرح الشريط مأساة انسانية ما زالت تعانيها المجتمعات العربية والأفريقية، هي قضية الإنجاب خارج الزواج في علاقة بالإجهاض وسط تجريم المجتمع وصمته عن تنصّل الرجل من مسؤوليته، وشيطنة المرأة التي تكون ضحيّة اغتصاب أو وهم عاطفي.هارون اختار قصّة سيدة من التشاد تدعى أمينة لها طفلة وحيدة في الـ 15 من عمرها تُدعى ماريا أنجبتها على اثر علاقة حب خارج إطار الزواج. تكتشف ذات يوم أن ابنتها حامل وهي ما زالت تلميذة في المدرسة الوطنية للبنات، فتبدأ رحلة المعاناة بحثاً عن طبيب يوافق على تخليصها من حمل ابنتها الصغيرة حتى لا تتكرّر مأساة الأم. تجد أمينة (نجمة تشاد أشواق بكار) طبيباً يوافق على القيام بالعملية، لكنّه يطالب بمبلغ مالي كبير، فتبدأ رحلة البحث عن المبلغ إلى الحد الذي تعرض فيه أمينة نفسها على جارها ابراهيم من اجل توفير المال الكافي.
من خلال هذه القصة التي نجح هارون في صياغتها سردياً ومن خلال الكاميرا التي تقدّم مشاهد من الحياة اليومية في تشاد هذا البلد الفقير متعدّد الهويات، نسافر في ثنايا الذهنية الافريقية والعربية التي تعادي حرية المرأة وتجرّم الحب بسبب عقل ذكوري قامع للمرأة.
تركز الكاميرا على ملامح الناس، وخاصة أمينة. ومن خلال قسمات وجهها، نقرأ كل عذابات المراة ليس في تشاد فحسب، بل أيضا في أفريقيا والعالم العربي. وهو ما يجعل من الشريط ذَا بعد انساني، فالانجاب خارج الزواج والاجهاض ما زالا عملاً محرماً اجتماعياً وإن سمح به القانون في بعض البلدان منها تونس، لكن سلطة المجتمع فوق سلطة القانون.
يعتبر محمد صالح هارونمن أبرز المخرجين الافارقة بدءاً من شريطه الطويل الاول «وداعاً افريقيا» سنة 1998. كما حاز جوائز مهمة منها «جائزة لجنة التحكيم» في «مهرجان البندقية السينمائي» سنة 2006 عن شريطه الروائي الطويل «دارات»، وأيضاً «جائزة لجنة التحكيم» في «مهرجان كان السينمائي» سنة 2010 عن شريطه الروائي الطويل «الرجل الذي يصرخ». كما أنجز شريطاً تسجيلياً عن حسين حبري.