«عندما يأتي الظلام» (8/6) لسينتيا شقير الحائز جائزة أفضل إخراج من «مهرجان أوروبا- الشرق» في أصيلة المغربية من بين الوثائقيات الطريفة والمبتكرة التي ستعرض في «مهرجان الفيلم اللبناني». يتناول العمل تأثير أزمة الكهرباء على حياة اللبنانيين، فتتحوّل نوعاً من هاجس جماعي. يتابع الفيلم قصصاً بطلتها الكهرباء التي تصبح ـ بفعل حضورها أو غيابها ـ عاملاً في تحديد شتى وجوه حياة المواطن حتى الخاصة والعاطفية. تحيط المخرجة بأزمة الكهرباء ومسبباتها وانعكساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنقل أيضاً التحقيقات المصورة للصحافي والكاتب رامي الامين الذي تابع تطورات هذه الأزمة من خلال عمله في تلفزيون «الجديد».
الاسلوب السينمائي يتميز بجمالية المشهدية البصرية التي تؤسس لها المخرجة والإيقاع الحيوي المشغول بعناية الذي يعزف موسيقى هذه الملحمة اللبنانية التي لا نهاية لها: البحث عن الكهرباء، البحث عن النور، البحث عن وطن.

النقطة الأخرى التي تعزز من قوة هذا الشريط هو قدرة المخرجة على تحويل كل شخصياتها إلى روائية من خلال لغتها السينمائية وتفاعلها معها ومع معاناتها، فيقترب الوثائقي من العمل الدرامي.
من خلال التفاصيل التي تلتقطها بحساسية سينمائية عالية. هكذا، تنقل إلينا سوريالية حياة المواطن في لبنان الأشبه بالكوميديا السوداء، مثل مشهد البداية حين تنقطع الكهرباء في وزارة الطاقة! من الوثائقيات الأخرى «صراع ـ 1949-1979» (7/6) لجوزف خلوف. الفيلم أشبه بمصارحة كما يقول المخرج بينه وبين أبيه الذي كان مقاتلاً في «حزب الكتائب» في الحرب الأهلية اللبنانية.
من خلال حواره معه، يحاول المخرج أن يتفهم وربما يجد طريقة لمسامحة أبيه لضلوعه في الحرب والقتل. كذلك، يعالج علاقته الخاصة المتأزمة بأبيه والعنف الذي مارسه عليه في طفولته. الجميل في الفيلم هو مراقبة التفاعل بين الابن وابنه حيث تصبح الحرب طرفاً ثالثاً للصراع الأوديبي القائم بينهما، فتشبه علاقتهما الحرب نفسها. يتجسّد ذلك في المشهد الذي يوجه فيه المخرج مسدسه بطريقة رمزية كأنّه يريد قتل أبيه. إحدى مشكلات الوثائقي أنّ المخرج لا يبدو متمكناً كلياً من أدواته، فاللغة السينمائية تتفاوت في جماليتها بين لقطة وأخرى في حين أنّ الإيقاع السردي لا يبدو متماسكاً. سيعرض أيضاً ضمن المهرجان «يوميات شهرزاد» (9/6) لزينة دكاش الذي حاز العديد من الجوائز.
يتناول الوثائقي سيرة سجينات سجن بعبدا من خلال تصوير مقاطع من حياتهن اليومية ومن مسرحية «شهرزاد ببعبدا» التي تندرج ضمن تقنية العلاج بالدراما التي انخرطت فيها المخرجة اللبنانية منذ سنوات. قصص قاسية تعكس عنف المجتمع عليهن، فكل شيء فرض عليهن فرضاً من الزواج إلى الجنس والامومة. يعرض الفيلم القوانين المجحفة بحق المرأة في لبنان التي تجعلها ضحية المجتمع الذكوري والقانون معاً، حتى يصبح السجن ملجأهنّ الآمن!