من الأفلام التجريبية في منحاها، نتوقف عند «أحلام الغليون» (7/6) لعلي شري الذي يعرض حديثاً هاتفياً تاريخياً بين حافظ الأسد والسوري محمد فارس الرجل العربي الأول الذي صعد إلى الفضاء برفقة الروس. وللطرافة، يسأل الرئيس السوري الراحل محمد وهو على متن المركبة كيف يرى الأراضي السورية من الفضاء، فيبجيبه أنه مسرور جداً وهو يراقب جمال بلاده بجبالها وسهولها الخضراء، بينما يعرض المخرج في خلفية المشهد صوراً لتمثال حافظ الأسد يُنقل عبر قوات النظام خوفاً من أن يحطمه الثوار.
التناقض بين الصورتين الذي يوظفه المخرج سينمائياً كاف للتعبير عن الهوة التي تفصل الماضي عن الحاضر السوري والمتخيل عن الواقعي بما ترمز إليه نظرة محمد فارس المثالية المتوهمة إلى سوريا من الفضاء، هذا إن كان يراها فعلاً على أي حال. «مونديال 2010» (6/7 ــ الصورة) لروي ديب الحائز جائزة «تيدي» في «مهرجان برلين» يستكشف نمطاً آخر من التجريب عبر العلاقة غير المباشرة بين الصوت والصورة. يتحقّق ذلك عبر رحلة ثنائي مثلي إلى رام الله. بينما نسمع حوار الشابين اللذين لا نراهما أبداً ونستكشف تدريجاً علاقتهما التي تتأزم تدريجاً بينما تتقدم السيارة، نراقب مشاهد الرحلة إلى رام الله التي يصورها أحدهما، فيخلق المخرج عبر اللغة السينمائية رابطاً بين المدينة وعلاقة الشابين. هما تماماً مثل هذه المدينة المهددة بالاختفاء بفعل القمع التي تواجهه. «طيور أيلول» (9/6) لسارة فرنسيس يستكشف مضماراً آخر من التجريب ذي علاقة أكثر بالمكان وتأثيره في الشخصيات. تجول المخرجة في عربة زجاجية مدينة بيروت، وتحاور أبطالها حول مواضيع مختلفة عن حياتهم أو علاقتهم بالمدينة. كل هذه المواضيع تصبح حميمية حين تقودهم بسلاسة نحو البوح. المكان الذي هو العربة الزجاجية وبيروت التي تنساب في خلفية المشاهد بينما نراقب تحركات الشخصيات المرتبكة داخل العربة... كل ذلك يؤسس لجمالية خاصة واستثنائية. «تجسد طائر عبر لوحة زيتية» (7/6) لعمر فاخوري وروي سماحة يستحضر حادثة تروى عن الدكتور الداهش الذي وضع يده على لوحة ونفح الحياة في الطائر المرسوم فيها وبقي مكان الطائر الخالي على اللوحة لسنوات كي يشهد على هذه «المعجزة». يعيد الفيلم تناول الحادثة المزعومة في إطار ساخر عبر إعادة تجسيدها حرفياً على الشاشة. يظهر المخرج أتباع الدكتور الداهش وهم يتناولون العشاء بصمت بطريقة أوتوماتيكية بينما تعبر امرأة بقدميها العاريتين على الطاولة حاملةً القفص حيث العصفور مسجون، في حين يحاول الكلّ لمس أقدامها في لغة سينمائية تجسد حماقة الإيمان الأعمى الذي يمثّل غياب العقل أول شروطه.