حدث ثقافي بارز أنجزته المكتبة الوطنية في تونس تمثّل في إطلاق منصة رقمية ستمكّن الباحثين في مختلف أنحاء العالم من الاطّلاع على رصيدها من وثائق ومخطوطات. وهذا المشروع يعدّ من أبرز المشاريع التي تمّ انجازها في السنوات الأخيرة في تونس. المكتبة الوطنية تأسست سنة 1885بمرسوم ملكي من الباي (حاكم تونس) علي باشا الثالث، وكانت تسمّى خزينة مكاتيب الدولة. في 1967، صدر أمر رئاسي يضبط مهامها تحت اسم المكتبة الوطنية التي تضم اليوم مليوني مجلّد نصفها باللغة العربية والنصف الثاني موزّع بين اللغات الفرنسية والإيطالية والعبرية.
النظام الرقمي للمكتبة كما قدّمته مديرتها رجاء بن سلامة، يحتوي على أكثر من خمس مئة الف وثيقة (كتب مجلاّت صحف مخطوطات) وعشرة آلاف وثيقة مرقمنة وبوابة توثيقية للنشر مقسّمة إلى بوّابات فرعية مترابطة وفق قاعدة بيانات موحّدة. وأعلنت بن سلامة أن «المكتبة تعمل في الوقت نفسه على إطلاق النواة الأولى من متحف التراث المكتوب تقدّم فيه بثلاث لغات ما يزيد عن 700 كتاب ودورية ومخطوط ونقيشة تمثّل الإنتاج الفكري والأدبي والفني في تونس من العصر اللوبي والبونيقي إلى اليوم».
وحدّدت المديرة العامة للمكتبة رجاء بن سلامة الأهداف الرئيسية لهذه المنصة الرقمية بتحقيق اللامركزية الثقافية وديمقراطية المعرفة وتوفير قواعد البيانات والموارد التي تساعد على البحث العلمي وحفظ الوثائق المهددة بالتلف بتوفير نسخة منها غير أصلية لروّاد المكتبة وتثمين التراث التونسي المكتوب. وقالت: «نحن واعون بأن الطوفان الرقمي قادم وأن الشبكة أصبحت عالماً يعجّ بالمعلومات والمعطيات. لذلك فإن من مهام المكتبات الوطنية الجديدة إرشاد المبحرين إلى أفضلها ومساهمتها في إنتاج الأفضل والأدق والأكثر علمية وبيداغوجية».
وستتيح المكتبة مستقبلاً للباحثين في مختلف أنحاء العالم الاطلاع على الرصيد التونسي من المخطوطات عبر هذه المنصة ومتحف التراث الرقمي.
وتستقبل المكتبة الوطنية التي يقع مقرها على بعد أمتار من أعرق كلية للآداب والعلوم الانسانية، بين 500و 700 باحث في اليوم ويعود بعض مخطوطتها إلى ما قبل الإسلام في تونس وهو ما يجعل من إتاحة هذه المخطوطات للباحثين خارج تونس مكسباً للثقافة الانسانية.