المعهد المسرحي في دمشق: «دار مسنّين» تزدحم بالمواهب!

  • 0
  • ض
  • ض
المعهد المسرحي في دمشق: «دار مسنّين» تزدحم بالمواهب!

بعد اليوم لا يمكن الحديث عن فايز قزق كبقية أبناء جيله! الرجل مصنوع من شغف خالص، تجاه المسرح و«المعهد العالي للفنون المسرحية» والفن عموماً... فكرة أن يظلّ بطل «كسر عضم» (علي صالح ورشا شربتجي) حتى اليوم معتصماً في كواليس المعهد، بدون مقابل ولا حتى معنوي، أمرٌ تستحق التوقّف ملياً، وبمنتهى الاحترام للتجربة والحماس المتدفّق من دون أن تتمكن السنون من تجفيف ولو قسط منه. يشتغل الرجل ساعات طويلة في المؤسسة التعليمية، مع مواهب شابة، ويقّدم لهم عرضاً مسرحياً في نهاية العام كاختبار أكاديمي يصنع من أجل الصحافة والمخرجين الباحثين عن وجوه شابة حقيقية، أو النجوم أصحاب المشروع الثقافي والفني فعلاً، والذين يقع على عاتقهم مسألة مواكبة المعهد وما هي ظروفه. لكن تظلّ تلك العروض للطلاب وذويهم وحفنة من المثقفين والصحافين المهتمين. ربما من هنا يمكن القبض على أولى مشاكل انحدار الدراما السورية، وتهاوي المطرح الذي وصلت إليه. المقاهي مليئة بمخرجين يدخلون التصوير بدون قراءة الورق أحياناً، ولا يعرفون شيئاً عن الوجوه الأكاديمية الجديدة، ويمتثلون حرفياً لأوامر المنتجين، كما يعجّ بنجوم حفظوا عن ظهر قلب درس السلطة الناجع، حول ضرورة جمع المطبّلين حولهم، وإقصاء أيّ وجهة نظر نقدية في شغلهم. في كلّ الأحوال من دون وجود أحد من مخرجي الدراما، ولا نجومها، قدّم طلاب السنة الرابعة في المعهد مشروع تخرّجهم بعنوان «الدّار» (نص مرتجل إخراج فايز قزق- 187 دقيقة- المسرح الدائري) من بطولة: أحمد حمودة وآدم الشامي وآية آغا وجوان لباد وجيانا عيد ودرويش عبد الهادي ورزان نعوف ورياض نحاس وزين العابدين مريشة وسارة بركة وعلي سليمان وعمر بدران وغفران هواري وفوز عليا وكرم شنان وكنان كريدي ومرهف الكراد ومحمد غيث الأدهمي ووسام رضا ويارا خوري وياسمين الجباوي مع مشاركة لطلاب السنوات السابقة. العرض مقترح شعبي بسيط يحاكي مسرح سعد الله ونوس، ويترك فرصة لمونولوجات فردية يخاطب فيها الممثلين جمهورهم، في ذرى درامية تكشف ما عانته هذه الشخصية، فيما يظل مسرح الحكاية هو دار مسنين حكومية تمثّل إحدى مفردات الفساد التي تسطو على أسلوبية العمل السوري غالباً. يقرر بعض المستثمرين استغلال المكان، وتحويله إلى مول تجاري وإيهام المسنين المقيمين بأنهم سيحظون بقبو العمارة الجديدة كملاذ آمن لهم. تصل الحكاية إلى نهاية متوقعة وهي الهدم. خلال التصعيد المقترح، سيكون كلّ ممثل أمام مرآته ليبوح بسّره وعقدة شخصيته التي أوصلته إلى هنا، وسيزاح الستار تباعاً عن تراكمات مجتمعية وأحوال شخصية أوصلت هؤلاء إلى مكانهم. وإن كان المقترح الحكائي الواقعي قد أوقعها في بعض المطارح في فخّ الكليشيه أو الاستهلاك، لكّن الحالة المتوهجة رجحت متكئة على فكرة التكبير في العمر لطلاب العشرينات وهم يلعبون أدوار مسنين في الثمانين من أعمارهم، وهو ما استدعى ضرورة التحكم العالي بعضلات الوجه وحركات الجسد، ومحاولة السيطرة على تلك السوية الأدائية طيلة العرض. أمر الذي برع فيه الطلاب في مراحل كثيرة. الخلاصة باختصار صريحة وساطعة تفي بأن غالبية الدفعة الجديدة ستكون جاهزة للوقوف أمام كاميرات المخرجين في أعمال احترافية قريباً، وهو إنجاز ينسب للمؤسسة الأكاديمية، ولفايز قزق بشكل خاص، وجهود شباب لم تمعنهم هذه المطحنة الحياتية التي يعيشونها عن الاستمرار في الحلم!

0 تعليق

التعليقات