قبل مدّة، أصدرت «جامعة إدنبرة» رسمياً كتاب «السلطان قابوس وعُمان الحديثة (1979-2020)». العمل الذي كشفت عنه إحدى أهم الجامعات في العالم، والمصنّفة ضمن المؤسسات الأكاديمية السبع العتيقة في بريطانيا والرقم 19 عالمياً، من تأليف مجموعة من الباحثين من جنسيات مختلفة، بإشراف الباحثين الإسكتلندي ألن جيمس فرومهيرز والعُماني عبد الرحمن السليمي. لا يختلف اثنان على نوعية الكتاب، إذ شارك فيه عدد من الباحثين المتخصصين في الشأن العماني، لكن المفاجأة كانت وجود اسم مدير «مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط» في «جامعة تل أبيب»، عوزي رابي، كمقدّم للفصل الأوّل بصفته «خبيراً» شرق أوسطياً!
(سارة قائد ــ البحرين)

العمل الذي يبلغ سعره قرابة مئة دولار أميركي، وذو الطباعة الفاخرة، يقع في 480 صفحة مقسّمة إلى 18 فصلاً/ قسماً، كتبتها أسماء بارزة مثل البروفسور في «جامعة واشنطن» كالفن ألن، وعالم الآثار الأميركي وأستاذ علوم الإنسان جوناثان مارك كينوير، والبروفسورة المتخصّصة في شؤون الشرق الأوسط من «جامعة كوينز كوليدج» ماندانا لامبيرت وسواهم.
أما على صعيد الإشراف، فألن جيمس فروميهيرز وعبد الرحمن السليمي يمتلكان خبرة كبيرة في الشأن العُماني بالتأكيد، ما أتاح لهما اختيار باحثين ضليعين في هذا المجال لديهم «إطلالة» واضحة على عُمان اليوم والماضي، كما يريد الكتاب تقديمها. لكن أن يُضاف «باحث» صهيوني إلى هذا الكمّ الهائل من الباحثين المقدّرين، فهو نوعٌ من الإصرار على شكل من التطبيع «اللاثقافي». فما شأن الباحث الصهيوني الذي نفترض (منطقياً) أنّه لم يزر عُمان، وإذا فعل فهو لم يفعل إلا منذ سنوات قليلة وبالتالي لا يعرف عنها إلّا القليل؟ ألم يكن الأجدر مثلاً النظر في أسماء باحثين آخرين زاروا عُمان ومكثوا ودرسوا فيها، من حَمَلة جنسيات مختلفة لا تسبب حرجاً ولا ضيقاً ولا شعوراً بالتطبيع مع الصهاينة لدى جمهور عربي عريض؟ إلّا إذا كان الكتاب موجّهاً بالدرجة الأولى للغرب، وليس للعرب من الكتاب سوى اسمه.
باختصار، هي محاولة صهيونية جديدة، وضيعة كالعادة، للتسلّل إلى العقل الجمعي العربي، عبر عالم الأبحاث. وهذا ليس جديداً، فكثير من الأبحاث العربية اليوم تُستخدم فيها نصوص واستدلالات لباحثين صهاينة، تحت حججٍ مختلفة كالاقتباسات البحثية، وجنسية الكاتب الغربية الثانية التي يحملها، وقس على ذلك.