عصر أمس الأحد، خسر الباحث السوري نبيل فياض معركته التي استمرّت خمس سنوات مع السرطان. عن 69 عاماً، رحل فياض في أحد مستشفيات دمشق حيث كان موجوداً «إثر تدهور وضعه الصحي»، وفق ما قال الكاتب جورج برشيني الذي يشرف على الصفحة الرسمية للباحث والذي كان «بجانبه في الساعات الأخيرة».شُيّع الجثمان صباح اليوم الإثنين، قبل أن ينطلق إلى مدينته حمص ويُصلى عليه في جامع قباء، ثم يوارى الثرى في مقبرة تل النصر.
فياض متخصّص في الدراسات النقدية الدينية، وفي الدين المقارن. اهتم بمراجعة الأديان ودراستها النقدية وتناول في كتبه وأبحاثه جذور وخلفيات المفاهيم والظواهر الدينية، مثيراً الجدل مراراً.
وأثارت مواقفه العلمانية انتقادات واسعة من قبل رجال الدين، مولّدة خصوصاً صراعاً أدبياً بشأن العلمانية والدين بينه وبين رجل الدين الدمشقي الراحل محمد سعيد رمضان البوطي، شهد تبادلاً للردود عبر منشورات أدبية مختلفة لهما.
في رصيده أكثر من 70 كتاباً مطبوعاً بين تأليف وترجمة، نذكر منها: «نيتشه والدين»، «مدخل إلى مشروع الدين المقارن»، «فروقات المصاحف» و«المسيح والميثولوجيا».
وُلد نبيل فياض في حمص، ودخل المدرسة الابتدائية الإنجيلية الدنماركية في القريتين. ثم انتقلت العائلة إلى حمص ليكمل تعليمه الإعدادي في مدرسة خالد بن الوليد، ثم يكمل المرحلة الثانوية في ثانوية عبد الحميد الزهراوي. بعدما نال شهادة التعليم الثانوي، انتقل إلى مصر ليدرس اللغات. ثم عاد بعد ثلاث سنوات لـ «أسباب قاهرة»، وفق ما يرد على صفحته الفايسبوكية. أعاد دراسة الثانوية العامة وهو يشتغل في مؤسسة الطرق. وبعد نجاحه، اختار أن يدرس الصيدلة دون الطب – كما رغبت العائلة – في جامعة دمشق. ثم أكمل بعدها دراسة في التصنيع الدوائي قبل أن تأتيه منحة من لبنان لدراسة اللاهوت ليكمل في «جامعة الكسليك» حيث علّم لسنوات. في بداية الثمانينيات، نشر أول كتبه، «التحوّل» الذي نُقل إلى المسرح. صدر كتابه الثاني بعد أشهر، وكان ترجمة لرسالة عبدة الأوثان من التلمود البابلي. كان كتابه الثالث «حوارات في قضايا المرأة والتراث والحرية»، تعقيباً على كتاب محمد سعيد رمضان البوطي، «هذه مشكلاتهم». كُتب عن انتاجاته عملان أكاديميان للباحثين الألمانيين، أندرياس كريستمان وإيكارت فورتز. وكان الراحل يجيد سبع لغات، منها العربية، الإنكليزية، العبرية، الألمانية، الفرنسية واللاتينية. عمل أستاذاً محاضراً في العديد من الجامعات في الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما. كما رُشّح لجائزة الشيخ زايد للترجمة عن فئة أفضل كتاب مترجم عن الألمانية، وذلك عن كتاب مشترك مع جورج برشيني بعنوان «جوهر المسيحية ـــ لودفيغ فويرباخ» (دار الرافدين).
عانى فياض في آخر سنوات حياته من الورم النقوي المتعدد، ما أدّى إلى تدهور حالته الصحية وغيابه عن وسائل الإعلام التي نشط عليها سابقاً.
* تُقبل التعازي اليوم الإثنين وغداً الثلاثاء في حمص في منزل شقيق الراحل، طلال فياض، الكائن في حي الشماس (الشارع 21)، قبل صلاة الظهر للنساء وبعد صلاة المغرب للرجال.
وتُقبل التعازي في 27 و28 آب (أغسطس) الحالي في دمشق في صالة نقابة الأطباء (صالة رقم 1) في حيّ أبو رمانة مقابل حديقة المدفع، من الساعة السادسة ولغاية الثامنة مساءً.