افتتح وزير الثقافة محمد بسام المرتضى العرض الأول لـ «مهرجان بيروت للصورة» في نسخته الثانية، أمس في المكتبة الوطنية في بيروت، بحضور رئيس اتحاد المصورين العرب أديب شعبان وحشد من المصورين والفنانين والمثقفين والإعلاميين. وتضمن الافتتاح معرضين متوازيين، الأول «تحية إلى شيرين أبو عاقلة» وعرض فيلم «اللقاء الأخير». والثاني «ذكرى مدينة»، تخليداً لضحايا انفجار بيروت في ٤ آب ٢٠١٩، يضم أعمالاً للمصورة شيرين يزبك بعنوان «ذلك اليوم الذي مُتُّ فيه»، إلى جانب أعمال أخرى متفرقة لدار المصور ومصورين آخرين.قدم الاحتفال الإعلامي روني آلفا بكلمة قال فيها: ‫ «الحقيقةُ بلا صورة تبقى رأياً. مع الصورة تصبحُ صانعَةً للتاريخ ومحركةً للشعوب وڤيتامينًا للثورة. نعيشُ في عصر فخامة الصورة. لا الصورةَ المشوّهةَ ببوتوكس الفوتوشوب. الصورةُ التي يستعيضُ المصورُ عن تحميضها في الغرف المظلمة بتحميضِها بمحلولِ دمه. دمُ المصورين حمضٌ نوويٌ للصور».
ألقيت كلمة لمدير المهرجان المصور رمزي حيدر حيّا فيها المصورين المشاركين من أنحاء العالم، ولا سيما مصوري فلسطين الذين يخطفون صورهم من بين الأخطار، وأشار إلى فريق عمل متطوع يشتغل في ظروف صعبة، لإنجاز هذا المهرجان المهم، في غياب أي مساعدة من جهات محلية أو أجنبية. من جهته، قال رئيس اتحاد المصورين العرب أديب شعبان العاني: «إنه رغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان الشقبق، إلا أنّه نجد في الجانب الآخر فريق عمل تطوعياً من الشباب المثقف الذين وحدوا طاقاتهم من أجل أن تكون للصور رسالة عظيمة وهدف أسمى من أن لبنان يمرض ولا يموت. لذلك كان مهرجان بيروت أبلغ رسالة لأجمل حدث ثقافي في المنطقة». ثم ألقى الوزير مرتضى كلمة قال فيها إن هذا المعرض ذكرى أليمة عن آلام انفجار مرفأ بيروت، وعن ضرورة التحقيق للوصول إلى تبيان الحقيقة. وعن شيرين آبو عاقلة قال: «إنها زهرة الفتيات شيرين أبو عاقلة، زهرةُ فتياتِ زهرةِ المدائن، طلعت من نار جنين إلى نور الجِنان، على متن صورةٍ ومدرج شاشة، تاركةً دمها فوق تراب فلسطين، مرسوماً على شكل علامةِ نصرٍ مغروزةٍ في عيون الإرهاب الصهيوني، الذي بدمٍ بارد وقصدٍ مباشر اغتالها، لأنها كانت تقوم بعملها في تغطية اعتداءاته على الآمنين».
وتابع: «شيرين أبو عاقلة أراد الجنود الإسرائيليون قتلَها ثانيةً عندما حاولوا منع أهلها من البكاء عليها ومن ترداد الأناشيد والهتافات الوطنية في تأبينها، كذلك عندما حاولوا منع وسائل الإعلام من تغطية مشاهد الحزن في بيتها، لكن دمها انتصر على إرهابهم، وصوتَ رسالتِها ارتفع أعلى من رصاصهم، وتوثَّق بالصوت والصورة أن الجريمة التي نُفِّذَت بحق الكلمة والحرية والقيم، تعكس الصورة الحقيقية لكيانهم المزروع في فلسطين وباءً يفتك بناسِها وتاريخها وحياتِها؛ هم الذين منذ قذفتهم المؤامرات إلى ههنا، لم يفعلوا سوى اغتصاب الأرض وهدم البيوت واقتلاع الأشجار وقتل البشر وتهجيرهم وسَجْنِهم».
بعد ذلك عرض فيلم «اللقاء الأخير» لشيرين أبو عاقلة، ثم أزاح وزير الثقافة الستار عن صوة لها وضعت في جانب من المكتبة الوطنية.
المهرجان الذي تحتضنه جمعية مهرجان الصورة «ذاكرة» و«دار المصور» واتحاد المصورين العرب، حمل هذا العام عنوان «الذاكرة»، وقد ورد للجنة المهرجان عدد كبير من الصور، أرسلها 571 مصوراً من 65 بلداً تضم لبنان والعالم، وبلغ عدد الجنسيات المشاركة 66، إلا أن ضرورات التحكيم واختيار الأعمال المشاركة قلصت العدد إلى 99 مشاركاً، من 28 بلداً، و30 جنسية، تقدَّمها المصريون، العراقيون واللبنانيون، إذ بلغ عدد المصورين العرب المشاركين 66، من 10 دول عربية بينهم 11 مصوراً لبنانيّاً، بالإضافة إلى 33 مصوراً أجنبيّاً من 20 دولة أجنبية. وقد كانت أعداد هذا المهرجان مقاربة لما كان عليه المهرجان الأول الذي جرى عام 2019.
تقدم الصور المعروضة، أولًا، تجارب تنطلق من الذاكرة الذاتية للمصور، وتخوض في بحر الأحداث والمعاني والعبر التي تدور حوله، في بيته وبين أهله وأسرته، فالمصور الصحافي غالباً ما يصور الآخرين، فماذا لو فكر في تصوير التفاصيل الحميمية التي يعيشها بجسده ومشاعره وأفكاره وأحلامه، وثانيًا تجارب أخرى تنطلق من الذاكرة الثقافية الجماعية، أي من فضاء أرحب، فيقدم المصور الفوتوغرافي الآخر، المختلف عنه ثقافة وديناً وعرقاً ولوناً، فيكون أمام مساءلة النفس عن مدى قبوله له، وأسلوب تقديمه.
يستمر معرضا الافتتاح لغاية مساء الثلاثاء ١٣ منه، يومياً من الساعة ١٠:٠٠ صباحًا حتى ٧:٠٠ مساءً.