رغم أنّهن ضمن أعلى طبقات رواة الأحاديث النبوية، إلا أن الكتب والدراسات التي اهتمت بمساهمة النساء في رواية السيرة النبوية كانت قليلة إن لم تكن معدومة. الباحثة التونسية هاجر المنصوري اهتمت في كتابها الجديد «رواية الحديث بتاء التأنيث» (دار محمد علي الحامي العربية للنشر في تونس ودار الانتشار العربي في بيروت) بهذا المبحث الذي ما زال بكراً. تقول هاجر المنصوري «إنّ هذه الدراسة تتنزل عندنا ضمن مشروع بحثي نؤكد فيه على أهمية الحضور النسائي في المعرفة الدينية في الإسلام المبكر، رغم ما فرضته ذهنية القرون الوسطى الذكورية على المجتمعات العربية الأبوية آنذاك من أنساق اجتماعية وثقافية». هذا الكتاب دعوة لضرورة الاهتمام بتاريخ النساء في الاسلام عموماً وفي الإسلام الفرقي خصوصاً «فكل فرقة اسلامية لها تثّلها الخاص للاسلام». وسعت الباحثة في هذا الكتاب إلى استحضار هذه التمثلات وحدودها.الكتاب صدر في ثلاثة أبواب وكل باب موزع بين فصول. خُصّص الباب الأول لـ «حدود أهلية المرأة لرواية الحديث عند الشيخين (مسلم والبخاري)»، والباب الثاني لـ «حجية رواية المرأة للحديث من خلال الصحيحين»، والباب الثالث لـ «الحديث النسائي في الصحيحين مدونته وفقهه». ومن خلال هذه الأبواب الثلاثة، تناولت الباحثة مجموعة من القضايا، كما أعدّت جداول للراويات من زوجات الرسول وآخر حول القرابة مع الرسول إلى جانب ضبط لروايات النساء في صحيح مسلم وصحيح البخاري.
هاجر المنصوري أثرت كتابها بعدد كبير من الجداول التي تسهّل على الباحثين تحديد الأسانيد النسائية والتعارض في الروايات النسائية والتعارض بين روايات المرأة والرجل. وانتهت الباحثة إلى مجموعة الاستنتاجات أهمها «أنّ مدونة الحديث النسائي سنداً ومتناً عبارة عن مجمع حديثي له خصوصياته الإسنادية والمتنية». كما «أنّ الأحكام الفقهية المستخلصة من الحديث النسائي تقر في غالبها أن المرأة تعامل فقهياً معاملة الرجل». وتفسر ذلك بأحكام الوضع الجسدي للمرأة التي أثبتت أن الجسد الانثوي «هو في نهاية الأمر جسد انساني» رغم الاقرار ببعض الخصوصيات. «رواية الحديث بتاء التأنيث» يعزز ريادة الباحثات التونسيات في تناول قضايا الاسلام المبكر وفتح آفاق جديدة ما زالت بكراً.