بعدما عاد «مركز التراث اللبناني» في «الجامعة اللبنانية الأميركية» إلى نشاطه الشهري، عقد ندوته لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) بعنوان «نوستالجيا بيروت بريشة أجنبية»، مستضيفاً لها الرسام البريطاني توم يونغ في مجموعة من لوحاته عن بيروت.افتتاح اللقاء كان لرئيس الجامعة ميشال معوّض الذي جاء في كلمته: «إن مركز التراث في جامعتنا يسير على خطى الجامعة الأُم التي نعمل فيها على إِبراز الكنوز الثقافية والتراثية في لبنان. ففي رسالة الجامعة أَن تكون منارةً في مجتمعها، تضيْءُ على مفاصله الحضارية بقدْرما تُـهــيِّـــئُ له أَجيالًا تتخرَّج حاملة شهادتَين: الشهادة الأَكاديمية لنهاية الدروس، والشهادة الثقافية لبداية الطريق إِلى بناء حاضر جديد للبنان يُكوِّنُ مستقبلًا مثمرًا بالفكر والحضارة».
وأضاف: «دأْبُنا أن تكون في لبنان من خريجات وخريجي LAU نخبةُ صبايا وشباب تُتقن اختصاصها والعمل فيه، ولكن أَيضًا تُتْقن وعي لبنان الفكر والثقافة والتراث والحضارة، فيكون التخرُّج على مدى الثقافة المعرفية، للخروج من بوابة الجامعة والدخول إِلى باب المجتمع بــزادٍ وفير من أَغمار البيادر الجامعية المعطاءة».
وختم: «رسالتُنا في الجامعة لا أَن نقود طلابنا على الطريق، بل أَن نضيْءَ لهم الطريق فيُكملوها بسعيهم ودأْبهم على التحصيل العلمي والتَثَقُّف، أَضعُهما في مستوى واحد، كي نُــخَــرِّجَ متعلمين ومثقفين معًا على دروب المستقبل. وما يقوم به "مركز التراث اللبناني" في جامعتنا، منذ عشرين سنة بدون توقُّف، هو كي يتغذّى التحصيل العلمي من التَثَقُّف المستدام فيكتملَ الجنى».
بعده ألقى مدير «مركز التراث اللبناني» الشاعر هنري زغيب كلمة جاء فيها: «من ريشة مغمَّسةٍ بأَلوان الحب، حب بيروت وعراقة بيروت، نسَجَ توم يونغ لوحاتٍ باتت اليوم شهاداتٍ ناطقةً تتمرَّى فيها مدينتُنا الغالية، فتغوى بجمالها وتعتز بأَصداء العراقة.
أقول جمالها وأؤمن أن لبيروت جمال روح وجمال حنان وجمال عطاء. فمَن منا لا ينحاز إليها لشربة نبض. ومن من العرب لا يسعى إِليها واحة انطلاق، ومَن مِن الغرب لا تلمع عيناه رنوًّا إِلى مدينتنا الكوزموبوليتية، بيروت الكوزموبوليتية التي صهرت فيها جميع الهويات الوافدة، وظلت شاهرة هوية واحدة: لبنان اللبناني».
وأضاف: «قلما اختصرَت مدينة وطنها كما بيروت تختصر لبنان. أقول اختصرت وطنها، ولم أَقُل اختصَرَت دولتَها. وأَدعوكم إِلى التمييز بين الوطن الثابت بعباقرته فوق اليوميات والأحداث، وبين الدولة المتغيرة الزائلة برجالها محكومةً باليوميات والأَحداث. إلى هذه البيروت الفريدة قدَّم توم يونغ ريشته ليسجل بالخطوط والألوان مشاهد للجيل الآتي فيعرف كيف يحافظ على عاصمة تعصِمُ كلَّ الوطن اللبناني الممتد من شط كورنيش المنارة إلى آخر شط في الدنيا».
أخيراً عرض الرسام توم يونغ ثلاثين لوحة من زيتياته الجديدة وشرح كلًّا منها في ثلاثة أجزاء: بيروت في هدوء شوارعها وسكون أبنيتها وهناءة أهلها، بيروت إبان انفجار المرفأ، وبيروت بعد الانفجار وما نجم عنها من أضرار في الأبنية والشوارع وما سقط فيها من ضحايا وجرحى ومعوقين.
وفي شرحه عدداً من لوحاته، ركّز على قيامة لبنان من جلجلته القاسية، وعلى أنه في لوحاته يرى دائماً بين الغيوم السود والحرائق المدمرة أملاً أبيض يلوح في سماء لبنان، هو الذي يبقي الشعب اللبناني متغلباً على كل ما يفاجئه من مآسٍ وصعوبات.
وختاماً كان حوار مع الحضور الذين لدى خروجهم تناولوا آخر منشورات «مركز التراث اللبناني»: مجلة «مرايا التراث» في عددها الخاص عن مرور عشرين عامًا على تأسيس المركز، وكتاباً لجبران خليل جبران يضم مسرحيتين له: «لِعازر وحبيبته» و«الأعمى» نقلهما إلى العربية هنري زغيب مع تحقيق خاص حولهما.