بدت سنة 2022 حافلة على صعيد الانتاجات الادبية لا سيما في الشعر والرواية محلياً وعربياً، إذ تنفّس العالم الصعداء بعد انحسار وباء كورونا وانتهاء فترة الحجر الصحي والقيود التي فرضها الوباء في السنوات الثلاث الماضية على حركة الإبداع عموماً والنشر ومعارض الكتب والأمسيات الشعرية التجمعات الثقافية خصوصاً. في لبنان، عادت بيروت رغم الأزمة الاقتصادية الضاغطة تلتقط أنفاسها من رئة من صمد فيها من شعراء وروائيين وكتّاب أعادوا إلى المشهد الثقافي بعض بريقه: كتابان لعبّاس بيضون في الشعر (كلمة أكبر من بيت) والرواية (حائط خامس) عن «دار نوفل» التي واظبت على نشر أكثر من عمل روائي مهم لحسن داوود (فرصة لغرام أخير) ووضاح شرارة (أمس اليوم) وأعمال سياسية مميزة مثل مذكرات الرئيس صائب سلام، وكتاب للصحافي والإعلامي سامي كليب (تدمير العالم العربي-وثائق الغرف السوداء) إضافة إلى أعمال مترجمة للفرنسي غيوم ميسو (مجهولة نهر السين) والفرنسية-الكورية إليزا شوا دوسابان (ذات شتاء في سوكشو). كما أن «دار الآداب» انفردت بنشر العمل الروائي الأخير «افرح يا قلبي» لعلوية صبح واستعادت معنوياً أحد أهم معالم بيروت الثقافية من خلال نشرها لرواية الجزائري واسيني الأعرج (عازفة البيكاديللي). كما أكمل الروائي الياس خوري تحفته «أولاد الغيتو» في جزئها الثالث، وعادت حنان الشيخ إلى قرّائها برواية بعنوان «عين الطاووس». وختمت الدار العام بوجبة دسمة من خلال الإعلان عن قرب انتهاء ترجمة رواية «ماء حي» للكاتبة البرازيلية كلاريس ليسبكتور. من جهتها، أعادت «دار النهار» طباعة «تاريخ بيروت» للشهيد سمير قصير وأكملت «دار الساقي» رحلتها مع مذكرات الشاعر أدونيس من خلال طباعة الجزء الرابع من «دفاتر مهيار الدمشقي». كما نشرت «الوجه الآخر للظل» التي يستكمل فيها رشيد الضعيف كتابته الأسطورية والفانتازية بعد نشره «الأميرة والخاتم» العام الفائت. كما أطلقت «دار النهضة العربية» سلسلة «أصوات» الفائزة بمنحة «آفاق» لعام 2022 التي تضمنت طباعة مجموعات شعرية لكوكبة من الشعراء الشباب وتسويق نتاجهم شعرياً والكترونياً. وأعادت الدار طباعة قصيدة «صور» لعباس بيضون، وأعاد الشاعر اللبناني بول شاوول طباعة كتابين حول الشعر الفرنسي الحديث وأشعار بابلو نيرودا بحلّة أنيقة عن «منشورات الجمل» (الشارقة)، بينما طبعت «دار مسكيلياني» التونسية إصداراً مميزاً للشاعر اللبناني شوقي بزيع بعنوان «ثراء المتخيّل وفقر الواقع». وأصدرت «دار الأمير» كتاباً مهماً للدكتورة دلال عباس بعنوان «أيّام مئات في إيران قبل الثورة». وأصدرت «دار نلسن» الأعمال المجهولة للشاعر عمر الزعني ومجموعة غير منشورة للشاعر الراحل خليل حاوي ومجموعة جديدة للشاعر شوقي أبي شقرا (أنت الأنملة تداعبان خصورهنّ). وصدر الجزء الثاني من الأعمال الكاملة للشاعر جودت فخر الدين عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر».
شهد عام 2022 رحيل الشاعر محمد علي شمس الدين
غيّب الموت عن الساحة الشعرية والأدبية الشاعر حسن عبدالله صاحب «الدردارة» والشاعر محمد علي شمس الدين الذي انفردت «دار الرافدين» (بيروت بغداد) بنشر ديوانه الأخير «خدوش على التاج» وكتاب بعنوان «الشعر جرح الغيب» يتضمن حواره الأخير مع الزميل محمد ناصر الدين. على صعيد الجوائز، تقاسم كل من الشاعر العُماني حسن المطروشي والشاعرة الأردنية مهى العتوم «جائزة أنور سلمان للإبداع الشعري»، وقد ضمّت لجنة التحكيم لهذا العام الشاعر شوقي بزيع والأكاديميين زهيدة جبور درويش ومحمود شريح، والناشر والناقد سليمان بختي. وقد اختتمت بيروت فعالياتها الثقافية بالمعرض الرابع والستين للكتاب الذي تكلّل بنجاح مقبول بعد ثلاث سنوات من الغياب رغم الازمة الاقتصادية الخانقة. بالانتقال إلى سوريا، فقد صدر للروائي السوري خالد خليفة عن «دار نوفل» كتاب «نسر على الطاولة المجاورة» الذي ضمّنه أفكاره عن الكتابة والطفولة والحياة. كما أعاد المؤرخ جورج كدر طباعة كتابه الموسوعي «معجم آلهة العرب قبل الإسلام» عن «دار الساقي». واستكملت «دار الرافدين» تحقيق أعمال العلامة السوري محمد كرد علي، فأصدرت «خطط الشام-تحقيق أحمد زيدان» و«أمراء البيان-تحقيق محمد ناصر الدين». كما انفردت «دار التكوين» السورية بالأعمال الكاملة للمفكر فراس السواح، إضافة إلى إصدارات مترجمة مميزة منها الأعمال الكاملة للشاعرة إميلي ديكسون (ترجمة عابد اسماعيل) وأعمال الهايكو الكاملة لماتسو باشو (ترجمة محمد عضيمة). «دار سرد» تميزت هي الأخرى بمجموعة من الترجمات المنتقاة بعناية مثل «أزهار الظلمات» لماريز كونديه بترجمة رندى بعث و«الوداع» لخوان كارلوس اونتي بترجمة علي ابراهيم أشقر، و«بحر أبيض» لروي ياكوبسن بترجمة محمد حبيب. عراقياً، عاد الإشعاع الثقافي إلى بغداد التي استكملت تأهيل شارعي المتنبي وأبي نواس واستضافت سوق الشعر الصيف الفائت بالتزامن مع الفعالية التي تقام في باريس بالتوقيت ذاته، كما أعادت «منشورات الجمل» طباعة «ثلاثية المخلوقات الجميلة» للشاعر والروائي العراقي فاضل العزاوي، وكتاب «الصخرة» لكنعان مكية بترجمة سليم سوزه و«رعويات صنين» لخالد المعالي. كما توّجت الدار الشاعر والناقد محمد مظلوم بالنسخة لخامسة من «جائزة سركون بولص»، ورعت «مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون» فعاليات «معرض العراق الدولي للكتاب» الذي حملت دورته لهذا العام اسم المفكر الراحل هادي العلوي. فجعت مصر في نهاية العام برحيل الناقد الكبير صلاح فضل، وكانت الشاعرة فاطمة قنديل قد توجت بـ «جائزة نجيب محفوظ» لهذا العام عن روايتها «اقفاص فارغة» الصادرة عن «الكتب خان». وأصدرت الروائية منصورة عز الدين روايتين بعنوان «جبل الزمرد» و«وراء الفردوس» عن «دار الشروق». كما سطع نجم الروائي طارق إمام في أربع روايات عن «دار الشروق» هي: «الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس» و«الأرملة التي تكتب الخطابات سرّاً» و«ضريح أبي» و«هدوء القتلة». وكذلك فاز الشاعر والروائي محمد خير بالإقامة الادبية في برنامج الكتابة الابداعية في «جامعة أيوا» الأميركية. «منشورات المتوسط» (ميلانو) أنجزت «أن تكون فلسطينياً: أنطولوجيا الشعر الفلسطيني الراهن» التي صدرت نسختها الفرنسية عن «دار بوان» الباريسية بنصوص اختارها ونسّقها الشاعران المغربيان عبد اللطيف اللعبي وياسين عدنان. وكانت الدار قد نشرت أو أعادت طباعة باقة من كتب المفكّر المغربي عبد الفتاح كيليطو مثل «لن تتكلم لغتي»، و«التخلّي عن الأدب» و«الأدب والغرابة» و«الكتابة والتناسخ»، إضافة إلى كتب للفيلسوف المغربي عبد السلام بنعبد العالي وهي: «عبد الفتاح كيليطو أو عشق اللسانين» و«كأنّك تقول الشيء نفسه»، و«العقل المحاصر في الفلسفة السياسة عند الفارابي»، و«اثنا عشر سؤالاً موجّهاً إلى جان بوفري حول مارتن هايدغر» لإريك دوروبرسي (ترجمة بنعبد العالي عن الفرنسية). «دار خطوط وظلال» الأردنية طبعت الحياة الثقافية في الأردن بإصداراتها الغزيرة ومنها «شريعة القطة» للمصري طارق إمام، و«أنا لست هنا» للبرتغالي فرناندو بيسوا (ترجمة رشيد وحتي) و«الفن الإسلامي» للشاعر والناقد اللبناني شربل داغر وغيرها. على صعيد الجوائز، توّج الليبي محمد النعّاس بـ «الجائزة العالمية للرواية العربيةج (البوكر) عن روايته «خبز على طاولة العم ميلاد» (دار مسكيلياني). نهاية 2022 كانت حزينة على اليمنيين، إذ فجعوا برحيل الشاعر الكبير عبد العزيز المقالح، كما فقدت السعودية الشاعر علي الدميني أحد أبرز أصوات الحداثة الشعرية، وشهدت البحرين عاصفة سياسية أشعلها الموقف الشجاع لوزيرة الثقافة مي آل خليفة لرفضها الاشتراك في فعالية يجري فيها التطبيع مع الكيان الصهيوني. كما شهد العالم العربي سجالات حادة على خلفية طعن الروائي سلمان رشدي.