
جميل ملاعب ــ «زهور 6» (زيت على كانفاس ـــ 90 × 70 سنتم ــــ 2022)
باقات من الأزهار في أوانٍ، متحاذية على جدران الغاليري، زيتيّات رتيبة لا تثير العين والحواس، ويقع العديد منها، على ما أسلفنا، في السهولة والتسرّع، وقد يستميل القليل منها العين المتلقّية والناقدة، وهذا أمر مستغرب، لأنّ جميل ملاعب حاضر منذ زمن بعيد في الحركة التشكيلية اللبنانية، وأقام العديد من المعارض التي كانت تلقى تقديراً ما من الزوّار والنقّاد على السواء. لكن هذه المرة طبعت السهولة معرضه الحاليّ على نحو جليّ لا يحتمل الكثير من المناقشة والأخذ والردّ.
غريب أيضاً أن يرسم ملاعب أزهاره كمجرّد بقع لونيّة بسيطة غالباً، تجريديّة أحياناً، كأنّه ينفي بذلك ضرورة بذل الجهد ﺍﻟتشكيليّ في رسم الأزهار الأليفة لأبناء القرى ومحبّي الطبيعة، وهو واحد منهم. كنّا نتوقّع من فنان معروف في حركتنا التشكيليّة المحلّية أن يمضي أبعد، إمّا في الاتجاه الانطباعي الحقيقيّ الذي أبدع فيه معلّمون كبار أمثال مونيه ورنوار وبيسارو، أو في المنحى التجريديّ المحض، فهو تائه هنا في منزلة غير محدّدة بين الانطباعية (ولوحاته ليست كذلك، خاصة أنها زيتية وليست مائية) والتجريديّة غير المؤكدة في أعماله. حين لا يتعيّن الاتجاه والأسلوب، يهوي الرسام في الضياع.
هل يهدف ملاعب من معرضه هذا إلى أن تنتهي لوحاته إلى تزيين الصالونات بالزخرف والألوان والأشكال البسيطة؟ ولو افترضنا أنّه «تعمّد» التبسيط في لوحاته، كان متوقّعاً منه، واستناداً إلى معارض جيّدة سابقة له، أن يجهد في مزيد من التجريب لتجاوز الأشكال البسيطة وأن يحاول تذكيرنا بتجارب لفنانين كانوا دائمي الحرص على الإتقان والتجديد والإبداع، مثل تجربة الفنان الكبير الراحل عارف الريّس، الذي كان أكثر شجاعة في مقاربة الأزهار بأسلوب تجريبيّ فريد، بينما تغيب الفرادة عن معرض جميل ملاعب لتحلّ مكانها التلقائيّة المفرطة والسهولة.
* «زهور ملاعب»: حتى 25 شباط (فبراير) ـــ «غاليري جانين ربيز» (الروشة) ــ للاستعلام: 01/868290