نعت «لجنة حقوق المرأة اللبنانية»، في بيان اليوم الجمعة، رئيستها السابقة ليندا مطر «أيقونة العمل النسائي اللبناني الهادف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين».جاء في بيان النعي: «عرفت اللجنة برئاسة الراحلة مطر وقيادتها وضوحاً في الرؤية ودينامية استثنائية في النضال النسائي، فبالإضافة إلى إكمال مسيرة مؤسسات اللجنة الرائدات كان لها الفضل في نقل اللجنة من مرحلة التأسيس النوعية إلى مرحلة التأثير الجذري والفعالية في التغيير في واقع المرأة اللبنانية وفي نشر ثقافة حقوق المرأة كما الاسهام الكبير في التقدم المحرز في تعديل أو استحداث القوانين الرامية إلى تحقيق العدالة للنساء».
وُلدت ليندا مطر في عام 1925 في حيّ الخندق الغميق البيروتي. لا تتذكّر من تلك الطفولة إلّا الأم شهاب التي رافقتها في مدرسة الناصرة. لطالما أكّدت الراحلة أنّ حياتها الفعلية كامرأة لم تبدأ إلا حين بلغت الـ 28 من عمرها. كان ذلك في عام 1951، عندما «ترسّخت في رأسي فكرة الإجحاف التي تتعرض لها المرأة، حينما وقفت متفرجة على الانتخابات النيابية في حينها، التي كانت تستثني المرأة من التصويت والترشّح». فكرة ولدت في رأسها في عمر الثانية عشرة، اذ «دفعتني الحاجة للعمل في معمل للجوارب ومن ثم معمل للحرير، ورأيت كيف تعامل المرأة انطلاقاً من دوام العمل إلى الراتب إلى النظرة الدونية لها»، وفق ما قالت في حوار سابق مع «الأخبار».
في اليوم نفسه من الانتخابات النيابية، التقت مطر صدفة بفتاتين تحملان عريضة تنص على «حق المرأة بأن تُنتخب وتنتخب». يومها، وقعت العريضة وتعرفت على اللجنة من خلالهما. وبعد فترة وجيزة، انتسبت إليها، ليتحقق أول انتصار للمرأة، شاركت فيه مطر، في عام 1953 «عندما أُقرّ حق المرأة بالترشح والتصويت».
هكذا، انتسبت ليندا مطر إلى لجنة حقوق المرأة اللبنانية في بداية خمسينات القرن الماضي وتدرّجت من عضو عادي إلى أمينة للسرّ ثم إلى رئيسة في العام 1978. شاركت في تأسيس عدد من الهيئات النسائية (لجنة الأمهات في لبنان والهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، واللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة) كما شغلت منصب عضو في «الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي»، وكانت منسّقة المركز الإقليمي العربي لهذا الاتحاد حتى عهد ليس ببعيد.
شاركت في مؤتمرات عربية وعالمية عدّة، منها المؤتمرات التي نظمتها الأمم المتحدة، كما اختارتها مجلة «ماري كلير» الفرنسية في عام 1995 واحدة من مئة سيدة يحركن العالم.
انتخبت رئيسة للمجلس النسائي اللبناني في العام 1996، وترشّحت إلى الانتخابات النيابية في بيروت مرتين (في دورة العام 1996 ودورة العام 2000) ونالت عدداً وازناً من الأصوات رغم ترشحها خارج اللوائح.
في عام 1998، منحها الرئيس الياس الهراوي وسام الأرز الوطني من رتبة فارس. ناضلت من أجل تعديل القوانين المجحفة في حق المرأة اللبنانية ومن أجل وطن ديموقراطي ودولة مدنية، وكرّمها عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني في لبنان، بالإضافة إلى تكريمها من هيئة وطنية تضم 80 شخصية سياسية واجتماعية واقتصادية وفنية في ٨ آذار (مارس) 2010 في «قصر الأونسكو»، كما منحها الرئيس ميشال سليمان وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط.
تزوّجت في سنّ السابعة عشر من الأرمني بيزانت بانجاريان، وأنجبت منه ثلاثة أولاد (أرمين ولوسين ورافي): «كان زوجي رجلاً يمتلك تفكيراً مختلفاً. يعرف قيمة الحياة أكثر منّي». لم تحمل ليندا مطر كنية زوجها. لم يلقبها أحد بـ «مدام بانجاريان». ولطالما حزنت عندما كان يطالبها البعض بالتخلّي عن كنيتها الأولى. كانت تحزن أيضاً عندما تُطالب بالتعاقد: «ربّما عندما أفعل ذلك سأموت».