بين 19 و26 آذار (مارس) الحالي، تستضيف كنائس مختلفة في مناطق لبنانية عدّة الدورة الثامنة من «أسبوع الأورغن». الحدث من تنظيم مشترك بين «جامعة اللويزة» و«مهرجان الأورغن» في الأراضي المقدّسة، ويهدف إلى إعادة إحياء هذه الآلة التي لطالما اعتُبرت آلة خاصة بالموسيقى الدينية في الكنائس. قبل ثماني سنوات، انطلق هذا الحدث الذي كان جديداً وفريداً في مجال الموسيقى الكلاسيكية، خصوصاً أنّ الكثير من آلات الأورغن العريقة الموجودة في الكنائس مهمل وبحاجة إلى صيانة من أجل التمكّن من استعماله مجدداً. يستقبل «أسبوع الأورغن» مجموعة من العازفين المعروفين من الخارج ومن لبنان أيضاً، متيحاً أيضاً المجال لعدد من الطلاب للمشاركة والأداء ضمن إحدى الحفلات السبع التي تُقام في مختلف المناطق اللبنانية، علماً أن الحفلات مجانية. إقامة هذا المهرجان كانت أشبه بحلم قديم للأب خليل رحمة مؤسس المهرجان في لبنان منذ أن كان مقيماً في إيطاليا. تحقق الحلم حين تشابكت رغبات الأب بنيّة الأخ ريكاردو سيرياني مدير «أسبوع الأورغن في الأراضي المقدسة» بإقامة مهرجان لهذه الآلة في لبنان. في الكلمة التي ألقاها ضمن المؤتمر الصحافي الذي أُقيم أخيراً من أجل إطلاق الحدث، شرح رحمة أنّ الهدف الأساسي للمهرجان هو إعادة إحياء التراث الموسيقي لآلة الـ Pipe Organ أو الأورغن الأنبوبي. وأضاف أنّه منذ عام 2014 بدأت كنائس عدّة ترميم هذه الآلة كما خصصت لها كنائس أخرى مكانة هامة منها «دير سيدة اللويزة» و«كنيسة مار الياس ـ انطلياس» وغيرهما. في موازاة تنظيم هذا الحدث، تحقق حلم آخر للأب هو إنشاء مدرسة لتعليم العزف على هذه الآلة وهي الأولى في الشرق الأوسط. يتيح المهرجان لطلاب هذه المدرسة الأداء في إحدى أمسيات برنامجه. وعن فائدة تأسيس مهرجان مماثل، يجيب الأب في المؤتمر بأنّه بكل بساطة لنشر «ثقافة الأورغن في لبنان وتنشئة عازفين لبنانيين لكي يؤدوا الخدمة لهذه الآلة الفنية». من جهته، أكّد سيرياني، أنّه بفضل هذا المهرجان شهد لبنان اهتماماً متجدداً بآلة الأورغن الأنبوبية، علماً أن المهرجان يهتم كذلك بصيانة الآلات للحفلات الخاصة به، مشدداً على أن صيانتها أمر ضروري حتى لا تتعطل وتفقد قيمتها العالية. لا شك في أنّ الآلة تُعزف في الكنائس وفي إطار الموسيقى الدينية، ولكن الكثير من المؤلفين استخدموها لاحقاً لتأليف موسيقى غير دينية، خصوصاً أنّها وحدها كفيلة بأن تؤدي كل ما يمكن لآلات النفخ أن تخرجه كصوت ولديها قدرة تعبيرية غنية تحوّلها إلى ما يشبه الأوركسترا. وما زالت آلات الأورغن التي انتشرت في العصور الوسطى تبهر إلى الآن بغنى أصواتها وتركيبة أنابيبها المعقدة نسبة إلى التطور في تلك العصور. يُقال إن أصول تلك الآلة تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد في مصر قبل أن تنتقل إلى الإمبراطورية الرومانية ثم إلى أوروبا الغربية.
الافتتاح سيكون الأحد في «الكنيسة الإنجيلية» في بيروت (مقابل السراي الحكومي) مع العازفَين الألمانيين أكسل فليرل (الصورة) وغيورغ هيمر (ترومبيت). فليرل عازف الأورغن الأساسي في «بازيليك مار بطرس» في بافاريا ومؤسس «مهرجان الأورغن العالمي» هناك. على البرنامج، باخ الذي هو من أوّل المؤلفين الذين نفكر فيهم عندما نقول أورغن. لذا نجد بطريقة شبه دائمة إحدى مقطوعات المبدع الألماني في البرامج الموسيقية المخصصة لهذه الآلة، إضافة إلى عدد من المؤلفين من القرن الثامن عشر الذين أعطوا عدداً من الأعمال لهذه الآلة على غرار هاندل وكوبران وتيليمان. ففي هذا القرن، كانت آلة الأورغن قد وصلت إلى أوجها واغتنى ريبيرتوارها بفضل هؤلاء المؤلفين. واستمر ذلك في القرون اللاحقة. خصّص الكثير من المؤلفين المعروفين أيضاً مساحة في أعمالهم لهذه الآلة، أبرزهم المجري فرانتز ليست الذي ننسى أحياناً أنه ليس مؤلف بيانو فحسب بل أيضاً صاحب مقطوعات مخصصة للأورغن تُعتبر صعبة جداً من الناحية التقنية، تماماً كمؤلفاته للبيانو. بالعودة إلى برنامج الحدث، يستضيف في أمسيته الثانية (21/3) العازف الإيطالي أنطونيو دي ديدا الذي يقدّم «سيني كونسير»، إذ يرافق عزفاً الفيلم الصامت «ملك الملوك» (1927) لسيسل دوميل، مرتجلاً على الأورغن في «دير طفل براغ للآباء الكرمليين» في المعيصرة. ويتجدّد الموعد في اليوم التالي مع العازف كونه عازف بيانو في أمسية ثانية في «مدرسة القلب الأقدس، الفرير» (الجميزة)، يقدّم خلالها برنامجاً يضمّ أعمالاً لباخ وفرانك وهايلر وغيرهم. من المدعوّين أيضاً العازف المكسيكي فيكتور كونتريراس، مؤسس «مهرجان أورغن» في مكسيكو ترافقه في هذه الأمسية (23/3) التي تحتضنها «كنيسة مار زخيا العجائبيّ» (عجلتون) مجموعة «هيمنوس»، بقيادة الأخت مارانا سعد. سيتاح للحاضرين في الأمسية الاستماع للمرّة الأولى لأعمال من مؤلفين معاصرين من المكسيك. من ناحية أخرى، تستضيف قاعة الـ «أسمبلي» في «الجامعة الأميركية في بيروت»، في 25 آذار، عازف الأورغن الفرنسي إيف لافارغ بمشاركة مجموعة Les solistes de Beyrouth بقيادة فرناندو عفارة، مدرّس الغناء الكلاسيكي. أما الختام، فسيكون في «دير سيدة اللويزة» (زوق مصبح) مع الأب العازف الإسباني بيدرو ألبيرتو سانشيز المتخصّص في الموسيقى الغريغورية والموسيقى الارتجالية على الأورغن بمشاركة عازفة الإيقاع اللبنانية كريستال نجيم في برنامج تطغى عليه المؤلفات الإسبانية.

«أسبوع الأورغن في لبنان»: بدءاً من غدٍ السبت لغاية 26 آذار 2023 ــ الساعة الثامنة مساءً ــ فضاءات مختلفة في لبنان. الدخول مجاني. للاستعلام: www.solfestival.org