عن «دار شامة» (تونس)، صدر كتاب جديد للباحث حاتم التليلي المحمودي بعنوان «المسرح والفضاء العمومي قول الممكن نقدياً». يطرح الكاتب أسئلة حول علاقة المسرح بالفضاء العمومي. ويقول في افتتاحية كتابه إنّ فكرة الكتاب أخذها من إهداء جاك لوكوك في كتابه «شعرية الجسد»: «في الوقت الذي انفجر فيه الطلبة في الشوارع الفرنسية؛ كنّا نحن نفجّر الحركات والنصوص ونبحث عن اللغة التي من شأنها أن تمنح المعنى لثورتهم».ويشير الباحث في شرحه إلى أنّ العلاقة بين كتابه وما قاله لوكوك تتلخّص في الأسئلة التالية: «كيف تمثّل المسرح قضايا الفضاء العمومي؟ وبأي لغة تكلّم مع الجموع الغاضبة؟ وكيف قرأ سيرة الأنفجارات والثورات الأخيرة؟».
يتألّف العمل من ثلاثة فصول: المسرح ونقابات اللّه، والجنين والرحم، وبوّابة الجحيم. ومن النماذج التي يتناولها حاتم التليلي المحمودي في علاقة المسرح بالفضاء العام، عملان حول المدوّنة المسرحية لبيكيت وكولتاز في قراءة لمخرجين تونسيين هما علي اليحياوي في مسرحية «سوق سوداء» عن نص لكولتاز، ومسرحية «ماذا أين» لعاصم بالتهامي عن بيكيت، ومسرحية «الرهوط» لعماد المي التي يقول عنها: «ولد النّص المسرحي لعرض الرهوط من رحم سرديات ونصوص وشذرات فلسفية وقانونية وشعرية».
ويطرح التليلي المحمودي في هذا الكتاب سؤالاً عن قدرة المسرح على تغيير الفضاء العام في المدينة العربية قياساً بنشأة المسرح في ارتباطه بالمدينة ومدى قدرته على إيقاف ما سمّاه بـ «زحف الصحراء». في هذا السياق، يقول: «الصحراء، تمتد فعلاً، والمثير في هذا الأمر، هو أنّ المسرحيين يشعرون بالطمأنينة أمام هول هذه الصحراء».
ويرى أنّ المسرحيين مزهوون بمنجزهم معتبرين أنّه «الغابة» التي ستوقف زحف الصحراء في الوقت الذي تزداد فيه الصحراء امتداداً بسبب «عملية قتل جدّ عنيفة وبشعة ضدّ منجز الآخر». وهذا سر الإخفاق في مصالحة المسرح مع الفضاء العام الذي أصبح «فراغاً عمومياً»، وفق تعبيره.
ويؤكد الباحث أنّ دور المسرحيين هو القيام بدور في الفضاء العام المنبوذين منه، فلا بد «من إعادة تربية الإنسان وتأهيله للسّكن داخل نار الأسئلة لا في رحم الاطمئنان».
كما يطرح حاتم التليلي المحمودي في كتابه أسئلة عدّة ويلقي حجراً في المياه الراكدة، ويثير طمأنينة المسرحيين المتباهين بمنجزهم المسرحي في الوقت الذي لا يكاد الفضاء العام يتّسع للفعل المسرحي في عالم تغرقه «الخردة الفنية»، على حد تعبير الكاتب.
يذكر أنّ التليلي باحث متخصص في المسرح وفنون العرض، صدر له «مسائل في اللاّهوت المسرحي» و«الانقلاب الفرجوي» وغيرهما.