الحنين هو ثيمة معرض Nostalgic Imagery الذي تنظمه «غاليري جانين ربيز» لأربع رسامات لبنانيات تُرك لكل واحدة منهن أن تقارب الموضوع بذاكرة فردية يمكن أن تجد لاحقاً صلاتٍ فنية واجتماعية وثقافية مع المقاربات الأخرى. والنتيجة هي معرض مشترك منجز بإيعازات مسبقة قائمة على فكرة أو مفهوم مشترك.
وهو ما يفرض نوعاً من التعبير الإنشائي في استجابة الرسامات للموضوع، ولكن هذه التعبيرات سرعان ما تمتلك حيويتها وقوتها الذاتية في الإيقاع بالمتلقي واستدراجه إلى حوار متبادل بين الانطباعات التي ترسلها الأعمال المعروضة وبين انطباعاته الشخصية عن ذاكرة تخصه هو.
رهان المعرض موجود في مساحة الفلاش باك والاستعارات والصور التي يرسلها الماضي إلى الحاضر. هكذا، تعود شفا غدار (1986) إلى الطبيعة التي كانت تحيط بمنزل عائلتها، وتستعيد ألوان طفولتها في لوحات فريسكية تتجاور فيها الصور الفوتوغرافية مع تكتلات الجصّ التي تعزز معنى القِدَم في المشهديات المستعادة.
أربع رسامات لبنانيات يلتقين حول تيمة واحدة
وتستعيد داليا بعاصيري (1981 - الصورة) تجربة حقيقية في تنظيف منزلهم في صيدا ما علق بجدرانه وزواياه من السواد والهباب، فتعرض أعمالاً تستفيد من مفردات الصورة والتجهيز والرسم لتقديم مشهد من الذاكرة بوصفه مادة متأرجحة بين الوهم والواقع، وبين التنظيف والرسم، حيث تتحول العلامات الموجودة في الأثاث والجدران إلى آثار شخصية للعيش وتعاقب الأيام في جنبات المنزل. أما ريما مارون (1983)، فتحاول العثور على شعرية النوستالجيا التي تغلف صور الماضي وذكرياته الغائمة، فترسم امرأة جالسة على كنبة، ومشهديات تراها المرأة نفسها في الجوار، ولكن كل ذلك يبدو مثل حلم مبهم يتلاشى فيه المكان والجوار، إلا أن المرأة تمكث هناك في مكانها منتظرةً أن يتحول الحلم إلى حقيقة. بجوار تصورات الحنين هذه، تستكشف لورا فرعون (1985) إمكانية ترجمة الذاكرة إلى مادة تجريدية تنمحي فيها الأشكال والصور لصالح البقايا والآثار التي تدل على النتائج غير المنتهية للحروب والصراعات التي لا تزال تجد منافذ لها إلى الحاضر والمستقبل، حيث الذاكرة تظل تنزف وصورها تظل مضطربة وغير مستقرة، ولا يمكن أن تكون هدفاً سهلاً للتذكر والنوستالجيا طالما أنها مستمرة في الحدوث بأشكال مختلفة. كأن فكرة المعرض تنقلب على نفسها في التجارب الأربع، بينما تصبح استعادة الماضي مهددة بفقدان شاعريتها المفترضة في بلدٍ بارعٍ في إغراق الذاكرة بحاضرٍ لا يختلف عنها كثيراً.

Nostalgic Imagery: حتى 17 أكتوبر ـ «غاليري جانين ربيز» (الروشة). للاستعلام: 868290/01