القاهرة | كشف الخبر الذي يفيد عن قيام دولة خليجية بمحاولة استئجار الآثار المصرية بالكامل لمدة خمس سنوات، مقابل 200 مليار دولار، عن رؤية السلطة الحاكمة إلى حضارة شعب، ونظرة الازدراء والإهمال إلى تراث إنساني يمتد على أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد. لم يكن إعلان «وزارة الدولة لشؤون الآثار» عن إنشاء مركز لترميم التراث الأثري وحفظه، الذي سيكون جزءاً من المتحف المصري الكبير، المقرر افتتاحه في تموز (يوليو) 2015، دليلاً على اهتمام الدولة بالآثار المصرية. ثمة دلائل تؤكد على تعرّض تراث مصر للعديد من الانتهاكات، في ظلّ حكم الإخوان. آخر هذه الانتهاكات ما لحق بـ«الجامع الأزرق» أو جامع «آق سنقر» في القاهرة القديمة، حيث دُمِّرت النقوش والفسيفساء وأحجار القرميد في الجامع (يقدر عمرها بـ 1347). هذا الأمر دفع حركة «ثوار الآثار» وحملة «معاً لحماية آثارنا» إلى إطلاق صرخة استغاثة أمس الجمعة لإنقاذ الجامع. وسط الصمت الذي تعتصم به المؤسسات الثقافية الرسمية تجاه الجرائم التي ترتكب في حق التراث المصري، شكّلت المرشدة السياحية والناشطة سالي سليمان فريقاً لرصد هذه الانتهاكات يتألّف من أستاذة المصريات في جامعة «برلين» مونيكا حنا، والمحاضر في «الأكاديمية العربية» في الإسكندرية محمد عادل دسوقي، والصحافية ليليان وجدي، إضافة إلى «المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» الذي يقدّم البلاغات ويرفع الدعاوى.في حديث مع «الأخبار»، تشير سليمان إلى أنّ الحصول على أي مستند رسمي من الوزارة وعدم تحريك البلاغات المقدمة للنائب العام، سواء السابق أو الحالي، أمران يعدّان من أهم المعوقات التي تواجه فريق العمل، إلى جانب المنع من التصوير في الأماكن الأثرية من قبل بعض مفتشي الآثار لإثبات التعدي، وعدم اهتمام الإعلام بقضية الآثار. تؤكد سليمان أنه عقب اندلاع الثورة، انتشرت عمليات السطو والتعدي على الآثار. ورأت أنّ أهم تعدّ على الآثار في عهد الإخوان هو «البناء على أراضي دهشور الأثرية: «إنها كارثة حقيقية، وتم تسليط الضوء عليها إعلامياً وتوثيق هذه المهزلة بالصور وتقديم بلاغات للنائب العام». وتروي «في الإسكندرية، وبعدما أعلن وزير الدولة لشؤون الآثار عن اكتشاف مجموعة من المقابر اليونانية الرومانية في منطقة القباري، تم التواطؤ على الموقع لصالح إحدى شركات الخلوي لبناء محطة تقوية على أرض الموقع نفسها». هذه السياسة في الانتفاع من الآثار تجلّت أخيراً حين اقترحت عضو الهيئة البرلمانية لحزب «الوسط» الإسلامي إيمان قنديل ضرورة تأجير الآثار المصرية بنظام حق الانتفاع. هذا الاقتراح ليس الأول من نوعه. ثمة خطاب آخر وجّهه رئيس قطاع مكتب وزير المال أيمن جوهر إلى هيئة الآثار، حيث عرض مقترحاً لأحد المواطنين تقدم به للوزارة ويقضي بتأجير مناطق أثرية تشمل منطقة الأهرامات لدولة قطر لمدة 5 سنوات، مقابل 200 مليار جنيه بغية سد عجز الموازنة. في موازاة هذه النظرة الربحية والتجارية إلى تراث حضاري وإنساني، ازدادت التعديات على الآثار على أيدي الإخوان أنفسهم. مع وصول محمد مرسي إلى الحكم، وبدء التظاهرات أمام قصر الاتحادية، عمدت مؤسسة الرئاسة الى تعلية سور القصر، ما اعتبرته وزارة الآثار «أمراً عادياً وغير مخالف»، فيما اعتبره جهاز «التنسيق الحضاري» تشويها مخالفاً للقانون. المهتمون بالشأن الأثري يرون أنّ الإهمال الذي تعانيه الآثار مقصود، إذ يغطي على تعديات السرقات والمخالفات، منها ما انتشر على الكثير من المواقع الإخبارية والإلكترونية حول شراء النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان خيرت الشاطر فندق «السلاملك» الأثري في الإسكندرية المملوك في الأصل للدولة.
خبر لم تنفه «الجماعة» ولا الحكومة. فيما عمد «مجلس مدينة طابا» في شمال سيناء الى الاستيلاء على مبنى «متحف آثار طابا» بعد نقل الآثار الموجودة فيه إلى متحف «العريش» لاستعماله مقراً لمجلس المدينة بعدما أصبحت طابا مدينة مستقلة بذاتها، بعد إلغاء تبعيتها لمجلس مدينة نويبع. كذلك نشر ناشطون صوراً لهرم «سنفرو» وقد تساقطت بعض أحجاره، ما يهدّد بسقوطه في ظل تجاهل واضح من الوزارة والمسؤولين. كما تواجه كنيسة «الدير الأحمر» الأثرية في سوهاج التهديد بالانهيار بسبب التعديات التي طالت أراضي حفائر وحرم موقع الدير، حيث تم بناء عمارة سكنية على بعد خمسة أمتار فقط من الدير، وموقف خاص بالسيارات على أرض حفائر المنطقة!