شهد عاما 1987 و1988 ولادة اثنتين من أنجح سلاسل أفلام الحركة الأميركية هما lethal weapon وdie hard. الأهمية التي حازتها هذه السلاسل والإيرادات الضخمة التي حققتها أدّت إلى ولادة نوع جديد من الأبطال في الأفلام التجارية الأميركية، ليس مفتول العضلات مثل أرنولد شوارزنيغر، وليس بوسامة فال كيلمر. البطل هنا شخص يحمل ملامح عادية وجسداً ضئيلاً ربما، فأطلقت عليه الكتابات النقدية تسمية «البطل المضاد».
اليوم، يبدو أنّ أبطال الحركة المخضرمين قرروا أنهم لا ينتمون إلى تاريخ السينما التجارية ولا متحف أفلام الحركة. كانت ثمة محاولات لصناعة أفلام تناسب مراحلهم العمرية التي لا تقلّ عن الستين، فسلفستر ستالون حاول في The Expendables إحياء رفاق المهنة الكبار مثل أرنولد شوارزنيغر. لكنّ النتيجة جاءت هزيلة ومثيرة للشفقة. على العكس من ذلك، يبدو بروس ويليس أذكى في اختياره الأفلام التي يعود فيها كنجم حركة ناجح مكملاً الخط الذي بدأه مع die hard، وهو ما نجح فيه في الجزء الثاني من سلسلته الطريفة RED.
لا يشير العنوان إلى اللون الأحمر كما قد يتبادر إلى الذهن، لكنها الحروف الأولى من جملةRetired Extremely Dangerous (متقاعدون شديدو الخطورة) في إشارة إلى مجموعة من عملاء المخابرات الكبار المدربين جيداً، وقد وصلوا إلى سن التقاعد، لكنّهم يقعون في مشاكل مع أجهزة مخابرات أميركية وبريطانية وروسية ومجموعة من المرتزقة والعصابات.
تدور أحداث الجزء الثاني حول فرانك (بروس ويليس) وحبيبته سارة (ماري لويس باركر) وصديقهما المضطرب كيفن (جون مالكوفيتش)، وفيكتوريا (هيلين ميرين) الذين يبحثون عن عالم ذرة كانوا يظنون أنه ميت، فيكتشفون أنّه في أحد السجون البريطانية. يظهر الدكتور بايلي (أنتوني هوبكنز) في حالة عقلية يرثى لها، ويحاولون من خلاله البحث عن سلاح اخترعه قبل ثلاثين عاماً، فيصلون إلى مكان السلاح في الكرملين بمعاونة صديقة فرانك القديمة كاتيا (كاثرين زيتا جونز). إنّه فيلم أكشن كوميدي تجاري، لكنّه يظهر قدرة بروس ويليس على اختيار القصص التي تعطيه مبرراً درامياً ليقوم بدور البطل في سنّه العجوز، مع طاقم منح الشريط حيوية وقدراً عالياً من الطرافة كجون مالكوفيتش الذي جاء أداؤه مبالغاً فيه في بعض اللقطات.
الخط الدرامي الرئيسي في تتبع أثر القنبلة ومن يبيعها ومن يشتريها جاء متوقعاً، لكن الحكاية الجانبية في علاقة سارة وفرانك جاء في منتهى الطرافة والخفة، أعطى الفيلم مسحة من «البارودي» مختلفة عن أفلام الأكشن وما يعتريها من مبالغات تُقبل في هذه الأفلام، بالإضافة إلى «الإفيهات» التي تقال أحياناً للتذكير بأعمار هؤلاء النجوم، وكيف أنهم خرجوا من المتحف إلى الحياة بمعجزة!
بعد نجاح الجزءين الأولين من السلسلة، يجري حالياً التحضير للجزء الثالث، ليثبت أنّ التاريخ لا يمكن أن يعود إلى الوراء لكن يمكن الافادة منه لصنع صورة جديدة لبطل عجوز.



Red 2: صالات «سينما سيتي» (01/899993)، «بلانيت أبراج» (01/292192)