في خضم الثورات التي تشهدها البلاد العربية، ينشغل نجاد عبد المسيح (1968) بثورته الخاصة. إنّها طريقة اشتغاله على الصورة الفوتوغرافية. الفنان اللبناني الذي منحه «مهرجان ألتاروما» الإيطالي السنوي «جائزة الإبداع العربي لعام 2010» بفضل أعماله وتصاميمه، وخصوصاً لوحاته الرقمية المطبوعة على القماش، يقدّم عصارة تجربته في معرضه «فقدان البراءة»، الذي تحتضنه حالياً غاليري Q-Contemporary. تتنوّع اشتغالات هذا الفنان على الصورة.
يلجأ إلى تقنية الفوتوشوب والفوتومونتاج. يدمج صوراً عدة التقطها في مراحل مختلفة ليخرج بصورة واحدة تعكس نظرته إلى المدينة، التي لطالما سكنته: بيروت. هذا ما يقوله في تعريف معرضه. مثلاً، يلتقط صورة لرسم غرافيتي ويدمجها بصورة أخرى من إحدى المدن، وأخرى لوجه رجل، فيخرج في النهاية بصورة واحدة تحاكي سريالية سلفادور دالي.
عنوان معرضه الجديد يعكس شذرات من سيرته. الفنان الذي ترعرع في الحرب الأهلية اللبنانية، فقدَ «براءته» باكراً، وها هو يحاول تعويض هذه الخسارة، من خلال تقديم تصوّر جديد لحياة متخيّلة عبر دمج صور عدة التقطها خلال أسفاره بين بيروت وروما، التي هاجر إليها بعد الحرب. إنّهما المدينتان الأحب إلى قلبه على حد تعبيره.
ولعلّ اللوحتين الجداريتين المعروضتين على شكل Light Box هما خير تعبير عن طريقة اشتغال عبد المسيح. شرطه الوحيد أن تكون الإضاءة طبيعية والأحاسيس عفوية قبل أن يخلق صوره معتمداً على تقنية الفوتومونتاج. في لوحة «حين ضحكت مارلين مونرو» (فوتومونتاج على قماش)، يمزج بين ابتسامة مارلين، و«التياترو الكبير» في وسط بيروت وتمثال روماني عارٍ. وفي لوحة أخرى، يخلط بين عجوز حزينة مجعدة الملامح وشارع من شوارع بيروت الحديثة. يركز عبد المسيح على كل ما هو متناقض. ينجز صورته على «كانفاس» حيناً، أو على شكل علبة ضوئية أحياناً ويعرضها على الحائط. في معرضه، قدّم مجموعة من لوحات «ماري تذهب إلى». وماري هي تلك المرأة الجميلة التي تحتلّ مكانها في نفس الفنان، حتى أصبحت رفيقة أسفاره في العالم. عبّر نجاد عن هذه الحالة برسم لوحات عارضاً وجه ماري من طوكيو إلى قريته في الكورة (شمال لبنان).
يشدّد الفنان على غنى بيروت الحضاري والديني، ويطالب بكسر خطوط التماس. لعل صوره التي تضمّ عناصر كثيرة متناقضة ومشاهد مختلفة من أسفاره دعوة صريحة إلى تشريع الذات على الآخر.



* «فقدان البراءة»: حتى 25 شباط ـــ غاليري Q-Contemporary (الزيتونة ــ وسط بيروت) ــ 03/300520