«لم أستطع النوم في تلك الليلة، أحوم حول السرير، صوتٌ يخرج من وسادتي. هناك موسيقى تخرج من وسادتي، ولا فرق كبيراً بين وسادة وسحابة». في عرضهما «بيانو في وسادتي»، يحمل علاء ميناوي، وعازف البيانو فلاديمير كرمليان، الجمهور إلى الغيوم. عملهما المشترك الذي عرض منذ أيام على خشبة «مسرح مونو»، هو عبارة عن أداء موسيقي ضوئي مرتجل (بيانو وآلات أخرى)، مستلهم من إيقاع الأحلام التي تراودنا في ساعات الليل، أو في زحمة النهار الروتيني. ترافق تغيّر النوتات كما تخيّلها فلاديمير، إضاءة ابتكرها علاء وأضفت مزاجاً يغلّف المسرح. استخدم عرض «بيانو في وسادتي» الحلم كمفهومٍ في قلب العمل، لأنّ الحلم بالنسبة إلى ميناوي وكرمليان، هو جوهر الحياة. «الحلم هو الحقيقة بحد ذاتها، وهو في قلبها، وله تأثير كبير في حياتنا اليومية»، كما يقول ميناوي. عند هذه النقطة، التقى مع كرمليان، فانبثقت فكرة الأداء الارتجالي.
قبل تقديم العرض إلى الجمهور على خشبة «مونو» السبت الماضي، لم يتفق الثنائي على الكثير. اتقفا على روح الأداء وجوهره فقط، كما حدّدا مواضيع القصص التي سيجسدانها، وهي قصص قصيرة ترتكز إلى أحلامهما وكوابيسهما، وبدآ بصياغتها معاً قبل أكثر من ثلاثة أشهر، لكنّهما، لم يطلعا بعضهما بعضاً على مضمون عمليهما قبل الصعود إلى المسرح. فلا علاء سمع موسيقى فلاديمير، ولا فلاديمير رأى أضواء علاء. هكذا، جاءت تجربتهما المرتجلة أشبه برقصة فالس عفوية تحمل تحدياً كبيراً للفنانين.
بعد تخرّجه من قسم «فنون التواصل» في «الجامعة اللبنانية الأميركيّة»، عمل علاء ميناوي خلال السنوات الست الماضية على تصميم الإضاءة لأكثر من 150 عرضاً مسرحياً بين لبنان والعالم العربي، ومنها عروض لجواد الأسدي، وناجي صوراتي. أمّا فلاديمير، فقد سبق أن قدّم عروضاً على مسرح «مونو» قبل أربعة أعوام، ويعمل حالياً على مشاريع أخرى خاصة أو مشتركة مع فرق أخرى. لهذا، فإنّ الثنائي لا يبني تجربة الارتجال لديه على أسس متهاوية، بل على تراكمات كثيرة، سواءٌ في العزف أو العمل التقني أو فنون الإضاءة المسرحيّة.
هكذا، حوّلا الحلم داخل عرض «بيانو في وسادتي» إلى عالم ثنائي الأبعاد بين موسيقى تجريبية، وإضاءة مهندسة ومركبّة على نحو فيزيائي مثّلت مساحة ليطلق فيها الفنانان العنان لأفكارهما. في عرضهما المشترك، عملا على تحويل الحلم إلى ضوء، والضوء إلى موسيقى، وفي بعض الأحيان، كانت الموسيقى هي التي تحدد شكل الإضاءة. هذا النوع من التفاعل الأدائي كانت خلاصته المشهديّة عرضاً شبيهاً بحلم اليقظة.