زيد حمدان مفتون بالصوت النسويّ. مفتون بالنساء النحيلات اللواتي يهبط عليهن ضوء المسرح الخفيف ليحيلهنّ إلى شيخات جئن من عصر آخر، أو «صدّاحات» مثل ريميتّي، وديمي منت أبا، ومعلومة منت الميداح. مريم صالح واحدة من تلك الأصوات.. كان يفترض أن يقدم زيد والفنانة المصرية الليلة مشروعهما المشترك في «مترو المدينة» في ثالث لقاءاتهما هذا العام في بيروت، إضافة إلى عرض قدماه أخيراً في القاهرة. إلا أنّ الحفلة تأجّلت إلى موعد لاحق نتيجة التطورات الدراماتيكية التي يشهدها لبنان.
مشروع هذا الثنائي بدأ مصادفةً عام 2010 في القاهرة، غذاه تراكم خبرة زيد من خلال عمله لأكثر من 15 عاماً في الإلكترونيّات والتريب ــ هوب، إضافة إلى حاجة مريم إلى التهرّب من الإخلاص لنوع موسيقيّ، أو البحث عن أكثر من طريقة واحدة لإشباع فضولها التعبيريّ. آنذاك، كان حمدان متورّطاً أيضاً مع مغنيّة نحيلة تغنّي مونولوجات صعيديّة طويلة. كانت دنيا مسعود، وكانا معاً ضمن فرقة «كزا مدى»: أحد المشاريع الموسيقيّة التجريبيّة المهمّة، مع تامر أبو غزالة ومحمود الردايدة.
حينها، وفي سبيل التهرّب من المشاريع المكتملة، أخذ زيد ومريم يعزفان على الآلات الموسيقيّة معاً: مريم مغنيّة، وزيد مكتشف. بُهر الأخير الذي كان قد انتهى من مشروع Soapkills مع ياسمين حمدان، وقرر أن يبدأ عملهما معاً. وفعلاً، سجّلت مريم 4 أغانٍ بصوتها من دون موسيقى في ذلك اليوم، وبقي حمدان الذي كان يلقّب نفسه باسم Shiftz، للعمل على أغنيتين من بينهما «إصلاحات»: «تقرا في الجورنال حاجات/ إصلاحات وزيكا ومات/ كشف أثري المومياوات/ قوم يا واد هات الحوادث تلقى حادث في البلاد/ إن أوطه جات له شوطة وصبره داب في الملّاحات/ وان بيسه أخت العيال نصيبها مال زي البنات/ وان نادية بريزة وقعت وان فاطمة ايشارب رجعت/ وان شكري وكالة قرر يشتغل في الممنوعات». مع هذه الأغنية، تعرّفنا إلى مغنية تسير في أسواق الإسكندريّة، تارة بحجاب وجلباب، وطوراً بـ«تي شيرت» زرقاء ونظارة برتقاليّة. بدا التجانس واضحاً بين زيد ومريم. هكذا على نحو متقطّع، تابعا عملهما على إعادة تقديم الشيخ إمام إلكترونيّاً. هذا المشروع الذي قدّمته مريم قَبلاً في فرقة الروك «بركة»، تلاقى مع رؤية حمدان تجاه الأغنيات الكلاسيكيّة.
من ريبورتوار الشيخ إمام، سيقدّم الثنائي في حفلتهما البيروتية المرتقبة «نيكسون بابا»، و«فاليري جيسكار ديستان»، و«يا واد يا يويو»، إضافة إلى أغانٍ سابقة لمريم مثل «وطن العك»، و«امشي على رمشي»، و «وحدي»... وبالطبع: «إصلاحات». في هذا المشروع كما غيره، رضي زيد لنفسه مكاناً وراء المغنية على المسرح، ووراء «السينيثايزر»... لقد ضحّى بالإيغو الفنّي مقابل إعادة تصدير صوت شيخات التريب ــ هوب.