(إلى طفلتي كنز التي بلغت السنتين يوم 11/2/2011)ستكبرين يا صغيرتي
جديلتك الشقراء ستغدو شمسَ نهاراتي الغائمة / أغصانَ عصافير الشيخوخة
كتفك القطني كحقول دمياط وسادة أوجاعي المقبلة
من أعشاش صوتك تطير بلابل زرقاء ملونة
ومن موسيقى خصرك أحصنة لهب.

مُسرعةً نحو صباك كثقاب مُشتَعل
ستدوّخين قلوب العشاق
تقعين في الحب، في الدمع والبسمات
في فرح المراهقة وأشواكها
تقعين في الورد، تنافسين الأريج
وسيظل قلبي مُهمهماً بين قدميك كهرّة صوفية
سأقرأ راحتيك مثل بحّار يتفرّس قسمات الانواء
حارساً ذهابك وإيابك بالشهيق والزفير
أحدّثك عن شعب غسل الهواء، حرّر الأنفاس يوم ميلادك
مُطْلقاً ما في القلب من نفائس حبيسة وما في قفص الصدر من أسراب غمام.

■ ■ ■

وجهك حدائق الأزهر
ضحكتك ميدان التحرير
بفرحة مائية تفتحين هداياك الصغيرة
فيما شعب بأسره يفتح بوابات الشمس
يمتطي ريحاً مذهبةً بهتافات توسّع المدى/ تشقّ عنان الظلم والظلام
تلاعبين دُماك المتحركة فيما نسائم الأمل تلاعب أحلامَ ثوار نضرةً في الساحات
ودموع الفجر تتفجر ألعاباً نارية في كبد الريح.

■ ■ ■

مَن يدري؟ ستكبرين يا صغيرتي
تمسكين يدي المرتجفة بعد حين
تنزهين كهولتي على دروب الذاكرة
أحدّثك عن الحروب الماجنة، عن شيب الأيام والمحَن
تحدثينني عن الحُبّ والرقص ورفاق الصف
عن الفايسبوك أو ما يعادله حينذاك
عن صداقات فتية وأمنيات تتفتح كالفرح لحظة سقوط طاغية.

■ ■ ■

سأصغي لسقسقة الندى في ثنايا عطرك
لموج الشغف المتدافع تحت جلدك
للحرية المتماوجة في ذهب شَعرك
لمدى مُترام في خضرة عينيك
لنهارات ذائبة بين أناملك
لمصابيح تشعُّ من خطوك نحوي
كعرَّاف متمرّس أرسم خريطة غيبك
وكمؤمن متهجد أوفي نذور غيابك
أستمهل عمري قليلاً
أتلو على مسامعك الغضّة:
«كأنك من رحيق الغيب
زنبقة القلب/ عطر السحاب
مُصغياً لأنفاسك الطفلة/ مُعانقاً تراب قدميك
أصلّي خلسةً/ كي لا يسمعني أحدٌ سواه/ لا يحفظك أحدٌ سواه/ كي لا تقع الحربُ مرةً أخرى/ لتظل سماؤك ماطرةً وأيامك مُشمسةً/ ليكلفَ قمراً آدمياً بحراسة نومك/ ليرحل الغزاةُ قبل أن تتعلمي المشي/ ليسقط الطغاةُ قبل أن تنبتَ أسنانك الحليب»**
**ما بين مزدوجين من قصيدة «مياه طرية»، ديوان الشاعر «راقصيني قليلاً» (الدار العربية للعلوم ـ ناشرون، بيروت 2010)
* شاعر وإعلامي لبناني