برلين | Lipstikka أو «أحمر شفاه»، هو عنوان فيلم إسرائيلي لجوناثان ساغال، عرضه «مهرجان برلين» الذي اختُتم أمس. في باكورته، يتناول جوناثان ساغال علاقة عاطفية وصداقة تربط فتاتين من رام الله، هما لارا (كلارا خوري) وإنعام (نتالي عطية). تنتقل الفتاتان للعيش في لندن بعد الحصول على منح دراسية، إلا أن حياتهما تتخذ طريقين مختلفين، فتتزوج لارا وتنجب طفلاً وتعيش حياة ميسورة في لندن مع زوجها البريطاني الذي يخونها طوال الوقت. في عيد ميلاد لارا، تظهر إنعام مجدداً في حياتها. مع هذا الظهور المفاجئ، يبدأ التوتر بسبب علاقة الحب الشائكة التي كانت تجمع الفتاتين، وكذلك بسبب سرّ جمعهما في القدس خلال الانتفاضة الثانية عندما كانتا مراهقتين. يوظف الفيلم تقنية الفلاش باك بصورة ذكية، وإن كانت متعبة أحياناً. هكذا، يقفز بين الأحداث التي تدور في الحاضر في لندن، وبين ماضي الفتاتين في رام الله عبر التناوب في السرد بين الاثنتين.المرة الوحيدة التي نرى فيها المشهد نفسه من وجهات نظر مختلفة، تكون حادثة القدس: يوم قررت الفتاتان الذهاب إلى القدس الغربية لمشاهدة فيلم. في السينما، تتعرفان إلى جنديين إسرائيليين، فتدّعيان بأنّهما سائحتان من إيطاليا، وسرعان ما يكتشف الجنديان الأمر، فيتحوّل اللقاء من غزل ومرح إلى مشاحنة. وتنتهي الأمور بإنعام إلى قرار مضاجعة أحد الجنديين برغبة، وكمحاولة لحل المأزق الذي دخلتا فيه كي لا يلقى القبض عليهما. أما لارا التي تتذكر الواقعة نفسها، فترى ذلك بصورة مختلفة، إذ انتهت الحادثة بأن اغتصبها الجندي.
لا تخفى الشحنة الإيديولوجيّة والرمزيّة الخطيرة للفيلم، القائم على التباس الذاكرة، والنسبيّة في كتابة التاريخ. من قال إن الصهيونيّة ـــ وجنودها ـــ قوّة مغتصِبة، لا قوّة شرعيّة ومشتهاة؟ «ليس هناك حقيقة مطلقة. الحقيقة لها أكثر من وجه». قال ساغال رداً على أسئلة الصحافة عن هذا المشهد خلال المؤتمر الذي تلى عرض الشريط في «برلين». إذاً، مرة أخرى، هناك أكثر من رواية، والحقيقة ليست مطلقة. وكالعادة تبدو رواية المُغتَصب محاطة بعلامات الاستفهام. ماذا لو كانت «المغتصَبة» هي التي أغرت الجندي؟! وتابع ساغال إنّ مسألة كون القصة تتحدث عن فلسطينيات هي محض مصادفة، بل يريدنا أن ننسى أنه مخرج إسرائيلي وأن الفيلم ممول من صندوق الدولة الرسمي!
لكن هذه ليست المشكلة الوحيدة في الفيلم. العمل مليء بالكليشيهات والصور السلبية عن المرأة الفلسطينية المدينية والمتعلمة. يفاجأ المرء بأن الممثلة الفلسطينية كلارا خوري التي اشتهرت بأدوارها في أفلام مثل «عرس رنا ـــ القدس في يوم آخر» و«العروس السورية» لم تلتفت إلى هذه الإشكاليات ووافقت على المشاركة في هذا الشريط، أو لعلها ترى الأمر بصورة مختلفة أيضاً!