«محمد خان ليس مصرياً؟»... «محمد خان لم يحصل على الجنسية المصرية حتى الآن؟». بين السؤالين السابقين، راوحت ردود المعلقين على صفحة «الجنسية المصرية للمخرج محمد خان». هذه الصفحة/ الحملة التي أطلقها المخرج أحمد رشوان، جذبت مئات السينمائيين والمثقفين، لكن معظم من وقّعوا بيان الحملة كانوا يعرفون معاناة صاحب «خرج ولم يعد» مع الجنسية المصرية. المخرج الذي ولد من أم مصرية وأب باكستاني، يحمل الجنسية البريطانية، لكن جنسية بلاده الفعليّة ظلت عصيّة عليه. وحالما انتشر خبر الحملة، أعرب صاحب «زوجة رجل مهم» عن سعادته بها، لكن من يعرفونه، يعلمون أنّ مرارته من جرّاء تعامل «مصلحة الهجرة والجنسية» معه، دفعته سابقاً إلى رفض مجرد الحديث عن الموضوع في الإعلام. كان يطلب عدم إثارة تلك المسألة قبل إجراء أيّ مقابلة معه.ورغم أنّ عدداً من «الأجانب» من أبناء أمّهات مصريات، ومنهم كتّاب وفنانون، حصلوا على الجنسية بعد تعديل القانون ليسمح بمنح الأم المصرية جنسيتها لأولادها، إلا أنّ خان، الذي اختيرت أربعة من أفلامه ضمن أهمّ مئة فيلم مصري لدى الاحتفال بمئوية السينما في هوليوود الشرق، كان قد تجاوز في العمر والإنجاز مرحلة اتّباع الطريق البيروقراطية. انتظر هو، وانتظر السينمائيون منحه الجنسية تقديراً لمسيرته السينمائية «المصرية حتى النخاع»، على حد وصف بيان الحملة، الذي طالب رئيس الوزراء عصام شرف بمنح خان الجنسية «إرساءً لمفهوم الوطنية الذي يتجاوز البيروقراطية والأوراق». المفارقة أنّ الدولة كرّمت خان قبل عقد، عندما أخرج «أيام السادات». وانتظر المخرج وقتذاك منحه الجنسية، وقيل إن الإجراءات بدأت فعلاً، لكن نظام مبارك لم يفعلها.
اليوم تتوجه حملة خان إلى «حكومة الثورة»، أملاً بالاعتراف الرسمي بصاحب «أحلام هند وكاميليا»، المولود عام 1942، الذي بدأ مع فيلمه الأول «ضربة شمس» تأسيس مدرسة الواقعية الجديدة في السينما المصرية. برفقة ابنَي جيله خيري بشارة وعاطف الطيب، أخرج خان 22 فيلماً، كتب نصفها بنفسه، مكوّناً، مع زميليه، الوجه المشرق لسينما الثمانينيات في مصر. وهي الحقبة التي هيمنت عليها ما عُرفت بسينما المقاولات.
لولا صاحب «موعد على العشاء» وأبناء جيله، لأظلمت سينما الثمانينيات. لقد قدم الواقعيون الجدد أفلامهم، ثم رحل عاطف الطيب فجأةً منتصف التسعينيات، فعانى خان وبشارة أزمة صعود السينما النظيفة. وانقطع الأوّل عن السينما، حتى عاد بتجربة «كليفتي» التي كانت الأولى من نوعها مصرياً، لجهة استخدام الديجيتال في الروائي الطويل. وما لبث أن قدّم بعده فيلمين هما «بنات وسط البلد»، و«في شقة مصر الجديدة»، قبل أن يعود إلى الانتظار من جديد...