القاهرة | لأنّها معركة، فلن يعلو صوت فوق صوتها. الجميع يقف في صفّها، ويدافع عن قراراتها، ويؤيد كل خطواتها. هذا باختصار وضع الإعلام المصري، باستثناء قلّة تواجه انتقادات شديدة على خلفية مواقفها الرافضة أو المتحفظة على المشاركة المصرية في الحرب على اليمن. الصحف المصرية على اختلافها، أيّدت قرار الحرب وتبارت في تقديم المبرّرات والتحليلات التي تؤكد ضرورة خوض المعركة، وأفردت مساحات لتغطية أخبار القصف العربي لمواقع الحوثيين في اليمن.

كما اهتم كتّاب الرأي بالقضية وأكثروا في الحديث عن المطامع الإيرانية في المنطقة، وعن أنّ الحوثيين «ذراع إيران في المنطقة، ولا بد من قطعها قبل أن تصل إلى باقي الدول العربية»، إلى درجة أنّ مانشيت صحيفة بحجم «أخبار اليوم» الحكومية تحدّث عن استهداف الجيش المصري لعناصر من الحوثيين دخلت إلى سيناء بهدف القيام بعمليات إرهابية.
في إطار حديثها عن الحادث الإرهابي الذي استهدف عدداً من الأمكنة في شبه جزيرة سيناء الأسبوع الماضي، اعتبرت «أخبار اليوم» أن لإيران يداً في العملية، وجاء عنوانها الرئيسي: «استشهاد 15 مقاتلاً وتصفية 27 من الكفار». أما العنوان الفرعي فكان: «إصابة أطفال وسيّدات برصاص الإرهاب... ومصدر أمني: التخطيط إيراني».
في السياق نفسه، نشرت «المصري اليوم» ، إحدى أكبر الصحف الخاصة، تقارير موسّعة «عن الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن»، ونقلت تصريحات للملحق العسكري اليمني في القاهرة، اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، يؤكد فيها أنّ عناصر أمنية يمنية «رصدت تجهيزات إيرانية مريبة في إريتريا لتوجيه مساعدات للجماعات الحوثية المتمرّدة في اليمن».
«اليوم السابع»، إحدى الجرائد الخاصة اليومية، اهتمت بالجانب الشرعي للحرب في اليمن، ونقلت بياناً لهيئة كبار العلماء في السعودية، وعرّفتها بأنّها «أعلى هيئة دينية في المملكة العربية»، مشيرةً إلى أنّها أكدت أنّ «عاصفة الحزم» هي «جهاد في سبيل الله»! ونشرت الصحيفة تصريحات لعضو في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر يقول فيها إن «على جميع المؤسسات الدينية في الدول العربية دعم المعركة التي تقودها الدول العربية ضد الحوثيين في اليمن، وأن تصطف خلف القيادة السياسية في كل دولة عربية، وأنّه على هذه المؤسسات ومنها الأزهر تبيان أنّ الحوثيين هم غزاة وخارجون على السلطة الشرعية ويجب قتالهم، امتثالاً لأمر الله».

استخدام فزّاعة الإرهاب
والدين والمؤامرات الكونية

وهي الزاوية نفسها التي اهتمت بها جريدة «الوفد» الحزبية التي نقلت نص خطبة الجمعة لإمام وخطيب المسجد الحرام، صالح آل طالب، التي أيّد فيها الاعتداء على اليمن، وهاجم الحوثيين.
هذه النماذج السابقة هي لأشكال مختلفة من الصحف المصرية الحكومية والخاصة والحزبية التي أيّدت المشاركة في الحرب على اليمن، مستخدمةً مختلف الطرق. البعض لاستخدم فزّاعة الإرهاب كما حدث في «أخبار اليوم»، وآخرون لجأوا إلى الدين كما حدث في «اليوم السابع» و«الوفد»، فضلاً عن فزّاعة المؤامرات الكونية على العرب كما حدث في «المصري اليوم».
وضع الصحف لم يختلف عمّا قدمته الفضائيات المصرية منذ بداية العدوان، فبرامج الـ«توك شو» اختارت ضيوفاً يمثّلون صوتاً واحداً: تأييد الحرب ومهاجمة إيران والحوثيين.
المذيع تامر أمين مثلاً، زايد في برنامجه «من الآخر» على «روتانا مصرية» على موقف الدول المشاركة في تحالف ضرب اليمن، وقال إنّ الحل النهائي للأزمة لن يكون إلا بدخول برّي إلى اليمن. ودار أمين في فلك المؤامرة على العرب، معتبراً أنّ ما تفعله إيران «ليس صراعاً مذهبياً، بل صراع فارسي ــ عربي»، وأنّه لدى إيران «حلم بعودة سلطان بلاد فارس على العرب، وأنّها تستخدم الحوثيين كأداة لتحقيق حلمها».
أما الصحافي خالد صلاح، رئيس تحرير «اليوم السابع» ومقدّم برنامج «آخر النهار» (قناة «النهار»)، فرأى أنّ «الشيعة في العالم العربي وإيران لن يتعاملوا بنبل، ولن يفصلوا الصراع المذهبي عن الخلاف الحالي في اليمن، وسيعملون على إشعال الفتنة والتطرّف في المنطقة العربية». في البرنامج نفسه، استضاف صلاح عضو مجمع البحوث الإسلامية، عبد الله النجار، الذي حاول تبرير الضربة قائلاً إنّ «الطمع يكمن في صميم قلب الشيعي»، مضيفاً أنّ العمليات العسكرية التي تجرى في اليمن كان يجب أن تحدث «قبل سقوط العراق».