قبل رمضان الماضي، كان العاملون في سوق الميديا المصرية ومراقبوها ينظرون إلى وضعها بتشاؤم كبير. اغلاق المجال السياسي في مصر، أدى إلى تخلّص الفضائيات من العديد من نجومها، إلى جانب الخسائر التي منيت بها فضائيات أخرى بسبب سوء الإدارة، وفشل «ماسبيرو» (مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري) في النهوض مجدداً لإشعال المنافسة، وتبعات عدم الالتزام بالتعاقدات، وخصوصاً في مجال بث مباريات كرة القدم. كل ما سبق رسم صورة سوداء لما سيحدث في سوق الميديا المصرية خلال النصف الثاني من 2016 وبالتبعية العام المقبل. لكن متغيرات لم يكن معظمها في الحسبان، فتحت كوّة ولو صغيرة للتفاؤل. صحيح أن المجال السياسي في مصر، لا يزال مغلقاً بدرجة كبيرة، لكن يبدو أنّ بعض القائمين على صناعة الميديا اعترفوا أخيراً بأن المجموعة المحدودة من الوجوه في برامج الـ «توك شو»، استنفدت أغراض الإبقاء عليها، ما ترك القنوات تعمل بعشوائية، مع الاكتفاء بإبعاد المشاغبين. كل ذلك لا يكفي، ولا بد من تعدد الوجوه ولو اتفقت كلها على مبدأ سياسي واحد، إلى جانب عملية تبادل المراكز التي تشهدها السوق أخيراً، وقد بلغت ذروتها في انتقال الإعلامي عمرو أديب بعد 20 عاماً من العمل في القنوات المشفرة، وتحديداً شبكة «أوربت»، إلى قناة «أون تي في» الإخبارية.
لاعب جديد يستعد للنزول بقوة اعتباراً من الشهر المقبل هو شبكة dmc
أمر سيعيد ترتيب عناصر المنافسة في سباق الـ«توك شو» المسائي في مصر، ما رسم علامات استفهام حول المذيع الذي سيخلف عمرو أديب في تقديم برنامج «القاهرة اليوم» على «أوربت». تلقى محمود سعد عرضاً رسمياً، لكنه اعتذر عن عدم العودة في الوقت الحالي، فذهبت الترشيحات إلى عماد الدين أديب الغائب منذ ثلاث سنوات عن الشاشة، وإلى جمال عنايت أحد نجوم الشبكة السابقين. لكن حتى الآن، لم يعلن بشكل رسمي عن خليفة عمرو أديب. في الوقت نفسه، عاد يوسف الحسيني إلى شاشة «أون تي في» بعد توقف استمر ثلاثة أشهر إثر موقفه المعارض للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير. لكن موعد برنامجه «السادة المحترمون» سيتغير حتماً بعد انطلاق عمرو أديب في الأسبوع الأخير من أيلول (سبتمبر) المقبل. نجم قناة «أون تي في» جابر القرموطي التي غادرها في رمضان الماضي، لم يجلس طويلاً في البيت. سرعان ما تعاقد مع قناة «العاصمة 2» التي يسعى الإعلامي أسامة الشيخ إلى إطلاقها بوجوه محترفة، بعيداً عن الوجوه المثيرة للجدل والغضب التي تظهر على «العاصمة 1» المملوكة للنائب سعيد حساسين الشهير بتخصصه في تجارة الأعشاب. «العاصمة 2» جذبت أيضاً الإعلامية منى سلمان التي غادرت قناة «دريم» قبل نحو عام ونصف عام لتؤكد عودتها، على أنّ البقاء في المنزل لن يكون خياراً دائماً لهؤلاء الذين أبعدتهم ظروف السوق ومتغيرات السياسة. وتعود معها أماني الخياط المذيعة المثيرة للجدل الموالية للنظام المصري التي فقدت الكثير من شعبيتها بعد أزمتها مع الشعب المغربي قبل نحو عامين. وتقدم سلمان «مساء العاصمة»، فيما تطلّ الخياط عبر «صباح العاصمة». عائد جديد أيضاً هو معتز الدمرداش الغائب منذ عام بعد اخفاق «أخطر رجل في العالم» برنامجه الأول والأخير على شبكة «إم بي سي مصر»، لكنّه سيعود إلى ملعبه الأثير وهو الـ«توك شو» عبر قناة TeN. الأخيرة تفاوضه حالياً لتقديم «مساء القاهرة» في إشارة إلى صحوة القناة التي تراجعت بشدة منذ بداية العام الحالي، حتى ظنّ بعضهم أنّها ستغلق إلى الأبد. على خط مواز، تعاقدت شبكة «الحياة» مع وكيل إعلاني جديد هو «دي ميديا»، لتؤكد أنّها لا تزال قادرة على الصمود والمنافسة رغم تراجعها من المركز الأول الذي احتلته لخمس سنوات، إلى المركز الرابع وربما الخامس في رمضان الماضي. أما الاندماج بين شبكتي «النهار» و«سي بي سي» الذي أُعلن قبل رمضان الماضي، فقد تم تفعيل أولى خطواته أخيراً بالدمج بين قناتي «النهار اليوم» و«سي بي سي اكسترا» الإخباريتين تحت عنوان «إكسترا اليوم» في إشارة إلى أهمية قنوات الأخبار في المرحلة الحالية وعدم القدرة على تحمل شبكة بمفردها تكاليف التشغيل في الوقت نفسه. كل ما سبق من أخبار مرتبط بلاعبين موجودين بالفعل في السوق، لكنّ لاعباً جديداً يستعد للنزول بقوة اعتباراً من الشهر المقبل وهو شبكة قنوات dmc. تضم الأخيرة ستّ شاشات تنطلق ثلاث منها في الربع الأخير من العام الحالي. البداية ستكون مع القناة الرياضية التي نجحت في الحصول على توقيع الإعلامي الرياضي الشاب إبراهيم فايق، ثم الإخبارية التي تديرها الإعلامية منال الدفتار بعد مغادرتها «سي بي سي اكسترا»، ونجحت في التعاقد مع العديد من المذيعين المختصين في هذا المجال أمثال عمرو خليل، وأحمد بشتو وحساني بشير. أما الثالثة فهي «dmc العامة» التي تضم أسامة كمال، وإيمان الحصري، ورامي رضوان، والفنان أشرف عبد الباقي. إذاً، حراك فضائي كبير في مصر يقف أمام تحديين هما المنافسة الحقيقية وعدم تأثره برمال السياسة المتحركة، وخصوصاً بعد الانصراف الواضح من قطاع كبير من المتفرجين عن معظم القنوات المصرية بسبب تكرار المضمون رغم اختلاف الوجوه.