« مازالت السعودية تسجننا إذا تكلمنا في أشياء منطقية وعقلانية، ما زالوا يقودوننا إلى السجون»، تقول لجين الهذلول، (27 عاماً) في مقابلة مع صحيفة «الإيكونومست». أحيلت لجين إلى المحكمة المتخصصة في قضايا الإرهاب بعد محاولة عبور الحدود السعودية، قادمةً من الإمارات، وهي تقود سيارتها الخاصة، ثم تم إطلاق سراحها في شباط (فبراير) 2015، بعد اعتقال دام نحو شهرين. أثار نشاطها «شهية» الإعلام الغربي، ولفت أنظارهم إلى قضايا المرأة في بلدٍ لا يعرفون عنه سوى كونه فكرة «هوليوودية»، لبدو يعيشون في صحراء قاحلة مليئة بالنفط والنساء المضطهدات على يد شيوخ أثرياء وعنيفين. يومها، كانت لجين المثال الأكثر جاذبية للصحافة الغربية: امرأة سعودية جميلة وغير محجبة، تقود سيارتها ــ في البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من قيادة السيارات ــ وتنقل كل خطواتها على الأرض إلى فضاء «تويتر»، لتتلقفها أخبارها صحف «إندبندنت» و«نيويورك تايمز» و«ذي ميل»، إضافة إلى «بي. بي. سي» البريطانية. قبل وبعد الضجة التي أثارتها مغامرة الناشطة الهذلول، عملت الصحافة الغربية على نقل الصورة «كما تصلها» عن نساء سعوديات متشحات بالسواد، ممنوعات من السفر والزواج والدراسة بدون موافقة أولياء أمورهن، مثل فيها النظام السعودي رأس الحربة للوصاية الذكورية في المملكة. ظهر ذلك في أفلام وثائقية وسينمائية، نذكر منها الشريط الذي صنعته منظمة «فرونت لاين» البريطانية، وحمل عنوان Saudi Arabia Uncovered وظهرت فيه نساء المملكة محرومات من أبسط حقوقهن وخاضعات تماماً لسيطرة المطاوعة أو الشرطة الدينية، في حين ظهر الممثل الأميركي توم هانكس مغرماً بامرأة سعودية لا يستطيع أن يلتقيها «بدون محرم» خلال أحداث فيلم A Hologram for the King . المسكين ــ في الفيلم ــ توم هانكس، أثار فيلمه السطحي والسخيف زوبعة من الاعتراضات.
لا ضغوط سياسية موازية للانتقادات الإعلامية والحقوقية الموجهة للنظام السعودي في ما يخص ملف المرأة في الغرب والولايات المتحدة. يتم تجاهل الطابع الإستبدادي للنظام الوهابي بسبب ارتباط الحلفاء التقليديين للمملكة بمصالح تجارية وصفقات تسليحية بمئات مليارات الدولارات، في الوقت الذي توجه الماكينة السعودية الرسمية والدينية الاتهامات للغرب «الكافر» والحليف في آن واحد، بدعم مخططات العلمنة والتغريب، ومحاولات النفاذ للمجتمع السعودي «المحافظ» تحت شعار حقوق المرأة. هل هناك «نظام بطريركي» في العالم أكبر من النظام العالمي نفسه؟ من حق المرأة السعودية أن تسأل.