على الضفة الأخرى مما يدور من نقاشات محلية وإقليمية، يدور نوعٌ آخر من «المفاضلة» بين الشعبين، الأميركي والبريطاني. بين الطرفين لغةٌ مشتركة، أو على الأقل هذا من نراه نحن كـ «أجانب» بينما هي عالقة في الواقع في لعبة تجاذبات «حقوق الملكية».
على صفحات التواصل الاجتماعي، يتنازع الأميركيون والبريطانيون على اللغة الانكليزية. حصل ذلك بشكل جليّ على منشور وضعته صفحة «9gag» على موقع فايسبوك. يتضمن المنشور مقالاً الكترونياً يظهر 63 فارقاً بين اللهجتين الأميركية والبريطانية، التي «لا تزال تربك الجميع» بحسب الموقع. مقال علمي يعرض بالصور التسميات المختلفة للأشياء، التي يستخدمها العالم تحت مسمى «اللغة الانكليزية»، لكنها تعود إلى لهجتين مختلفتين، ومتخاصمتين، على ما يبدو.
هذا الاختلاف الذي قد يبدو لنا كشعوبٍ «غريبة» طبيعياً. لكنه تحول إلى «تلاسن» بين الناشطين على الموقع. يتصدر المنشور التعليق التالي: «لا توجد لغة انكليزية أميركية، هي في الحقيقة انكليزية بريطانية، تشوبها أخطاء». هذا التعليق نال أكثر من 1500 إعجاب، إذ تلاه ذم بحق «الانكليزية الأميركية». في تعليق ساخر آخر، قال أحدهم: ما الفرق بين اللبن والولايات المتحدة الأميركية؟ فأردف قائلاً إن اللبن قد يطور نفسه وينشئ «ثقافة» بعد مرور 300 عام، بينما ليس بمقدور الأخيرة فعل ذلك. آخرون اعتبروا أن «باستطاعة أميركا تدمير كل شيء، حتى اللغة». رد الأميركيون على هذا قائلين إن «الولايات المتحدة هي الحرية، بينما تمثل بريطانيا الغزو والاحتلال».
تحول هذا النقاش من شرح لفروق اللهجات، إلى صراع ثقافي بين شعبين، أحدهم يتهم الآخر بأنه «طفيلي» ينمو على حساب الثقافات الأخرى، بينما يدعي الآخر بأنه ناشر الحريات والتطور في العالم. ثمة نبرةٌ عنصرية هنا، تتخللها كذلك بعض الصور النمطية والتعميم. لكنه نقاش أساسي يدور في أروقة اللغة الانكليزية ومسيرة تطورها. وعلى مبدأ أن «اللغة هي مرآة الشعوب»، فإن هذين الشعبين يتنازعان على المرآة نفسها.