بحماسة عالية، قرأت مراسلة otv لارا هاشم، تقريرها أول من أمس، عن حفلة Tomorrowland (أرض الغد)، التي أقيمت يوم الثلاثاء الماضي في جبيل. حماسة اصطحبت معها زخماً في العنوان «مهرجان عالمي حقق نجاحاً عالياً على كل المستويات».
تقرير (3.30)، لا يمكن إدارجه إلا ضمن سذاجة واضحة في التقديم والسياق، والتعريج على قضية بحجم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي. تقرير أتى مبتوراً وعرضياً، مقابل إعطاء المساحة الترويجية الأكبر الى منظمي هذه الحفلة، و«أهميتها». علماً أنّ المهرجان ترافق مع حملات واسعة من «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل»، في لبنان، وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، لما يحمله هذا الحدث من مفاهيم تبدأ «باتحاد» هذه الشعوب المتوزعة على 7 بلدان (الإمارات وألمانيا وإسبانيا ولبنان وتايوان ومالطا وكوريا الجنوبية، والكيان المحتل) عبر الموسيقى، لا سيما الإلكترونية منها، على أن يكون المنطلق من بلجيكا وعبر البث الحيّ المباشر إلى المشاركين في الحفلة.

احتفى التقرير بالمهرجان الذي وضع لبنان على «الخارطة السياحية» و«جددّ الثقة به»

ورغم تأكيد المنظمين على أن البثّ سينحصر بـ3 ساعات فقط بين بلجيكا ولبنان والعكس، ولن يكون البثّ من الأراضي المحتلة متاحاً في لبنان، إلا أننا لا يمكن سلخه عن السياق المبني عليه، وعلى «أيديولوجيته» المتمثلة في اتحاد شعوب الأرض. وهذا الأمر يعدّ كافياً بالتأكيد على أن الحفلة تندرج ضمن التطبيع مع «إسرائيل».
وفي العودة الى التقرير المذكور الذي احتفى بهذا المهرجان، الذي وضع لبنان على «الخارطة السياحية» و«جددّ الثقة به»، وتسبّب بـ «إقفال باب الحجوزات» في فنادق جبيل، على حد قول هاشم، فقد غابت عنه الموضوعية والإلمام بالقضية الأساسية. إذ سطّح التقرير المهرجان وحصره بالناحية الموسيقية والثقافية وتنشيط السياحة في لبنان (30 % من الأجانب حضروا المهرجان)، وانتقد حملة المقاطعة والناشطين على السوشال ميديا، وحصر اعتراضهم بـ «الشتائم». كما منح العضو المؤسس في حركة المقاطعة في لبنان سماح أدريس وقتاً قصيراً (بضع ثوان) للتعبير عن رأي الحملة واعتراضها على الحفلة، مقابل إعطاء مساحة أكبر للمنظمين الذين أكدوا على «قانونية» تنظيمها وعلى أن «الشركة البلجيكية» صاحبة الفكرة، تعتبر «غير سياسية بل علمانية». وانتهى تقرير المراسلة الشابة بأن المهرجان «فُهم» منه «اتحاد الشعوب في أرض الميعاد»، وربطته بمنع فيلم «المرأة الخارقة» في لبنان في تشبيك ساذج بالطبع. وختمت بسؤالين اثنين يختصران السياق الذي بنت عليه التقرير: «متى تبقى مفاتيح الخيانة والعمالة خارجة عن أي قيد قانوني؟ من يرعاها ويحدد أطرها؟» و«هل كل مرة ستطلع أصوات هؤلاء فوق الدولة؟».
في كل ما سبق، لا يمكن وضع هذا التقرير المرّوج لمهرجان «تومورولاند»، والمهمّش لقضية بحجم التطبيع مع «إسرائيل»، إلا ضمن سياق متعمّد يخدم أصحاب المصالح الاقتصادية والمنظمين في جبيل، ويضرب بعرض الحائط أي مهنية تقتضي التوازي بين الآراء، بل إبراز أسباب الاعتراض على هذا المهرجان، كون الموضوع يتعلق بالكيان الغاصب. موضوع سطّح بدوره تحت شعارات فارغة «تنشيط السياحة»، و«فصل السياسة عن الموسيقى».
هذا في ما يخص القناة البرتقالية، أما قناة lbci، التي رعت المهرجان إعلانياً وروّجت له مراراً على شاشتها، فقد اتسم تقريرها (إعداد نيكول الحجل) الذي عرض الثلاثاء الماضي بخبث أكبر، كون المعدّة غيّبت تماماً حملات المقاطعة وأسبابها، واكتفت بوصف ما حدث بأن المنظمين استطاعوا «أن يعيدوا لبنان الى الخارطة السياحية رغم كل العوائق التي واجهتهم». إذاً، اكتفت بعبارة «العوائق» لتشير الى حملة المقاطعة وباقي الناشطين من دون أن تذكر أي تفصيل، في بتر واضح للسياق العام للقضية، وتغييب متعمّد لها، مقابل تبشير «عشاق الموسيقى» بأنهم باتوا اليوم على موعد مع هذا المهرجان الذي يجذب أكثر من 8 ملايين شخص من ضمنهم لبنان!

■ https://www.lbcgroup.tv/news/d/news-reports/327142/%D8%AD%D9%81%D9%84-tomorrowland%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%AC%D8%A8%D9%8A%D9%84/ar