وسط العاصفة الهوجاء التي سادت الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية توقيف المخرج زياد دويري، والتضليل المكثف الذي سعت اليه هذه المنابر، عبر تظهير الأخير على أنه ضحية أصوات تغار من أعماله، وأن توقيفه مناف لمبادىء الحريات والإبداع، بان التلكؤ الإعلامي واضحاً في ما يفترض أن يكون أداء وطنياً في قضية التطبيع مع «إسرائيل»، وتبيان أن القضية تتعلق بذهاب مخرج لبناني الى الأراضي المحتلة ومكوثه هناك لأكثر من 11 شهراً بغية تصوير فيلمه السابق «الصدمة».
ووسط ضباب ساد التعاطي مع هذه القضية، ومحاولة حثيثة لتمرير التطبيع على أنه أمر عادي، تمهيداً لتشريعه ربما، برزت من هذه المنابر قناة «الجديد»، التي كانت من بين القنوات المحلية الأكثر وضوحاً في الموقف، وفي التعاطي المباشر مع هذه القضية الوطنية الحساسة. فقد استهلت نشرة أخبارها المسائية البارحة، بالحديث عن التطبيع أكان في السياسة أو السينما من فايز كرم الى زياد دويري، مع التنويه بأعمال الأخير التي تسعى الى «تنظيف المجتمع الإسرائيلي»، مع تشبيهه بـ «أبو طاقية» النسخة الليبرالية منه.
هذه الإستهلالية التي وضعت اصبعها على النقاش الحاصل في البلد وعلى المنصات الاجتماعية، تبعها تقرير لمراسلها حسان الرفاعي (الصورة)، بعنوان «صدمة دويري من تل أبيب الى بيروت»، وفيه تفنيد بالأدلة لخطورة فيلم «الصدمة»، وتظهير موقف واضح من التطبيع. قبل هذا التقرير، كان لافتاً أن المحطة بقيت وحدها في الميدان، وتحديداً أمام «المحكمة العسكرية»، بين باقي القنوات. إذ أسهمت الأسئلة التي وجهها الرفاعي الى دويري بعيد خروجه من التحقيق، بإثارة غضبه وحتى فقدانه صوابه، وشتمه المحطة وتفوهه بألفاظ نابية خارج عدسات الكاميرات. الأسئلة المهنية التي تتعلق بالتطبيع وبذهاب المخرج اللبناني الى الأراضي المحتلة، كانت كفيلة بتظهير المشهد الإعلامي اللبناني الخافت الذي إما كان صامتاً ومتفرجاً، أو ملمعاً لصورة دويري ويبخس من ذهابه الى فلسطين، ويعتبر القصة تختصر بالتصويب على فيلمه الجديد «قضية 23»، وعلى نجاحاته عالمياً...قناة mtv نموذجاً!